وجهُ الصمتِ الآخر ٦ تشرين الثاني (نوفمبر)، بقلم صالح مهدي محمد في فناءٍ خاوٍ، حيثُ تتقاطعُ أشجارٌ طويلةٌ بلا أوراق، جمعتِ الصدفةُ الأربعةَ حول نافورةٍ جفَّت مياهُها منذ زمن. كان الهواءُ مشبعًا برائحةِ الترابِ الرطب، والسماءُ تتدلّى كغطاءٍ رماديٍّ يضغط على (…)
سِرًّا أُحاوِر البحر ٤ تشرين الثاني (نوفمبر)، بقلم صالح مهدي محمد سِرًّا… أهمس للمدِّ، أقفز فوق صَدَفاته كطفلٍ ضائعٍ بين أسماءٍ لم أتعلمها بعد، أحفرُ الهواءَ بأصابعي، أراقبُ كيف تتقاطعُ الحروفُ مع الموجِ، كأنّها جروحٌ تتكاثر في صمتٍ أزرق. البحرُ (…)
أسقِني لقاءَكِ ٣ تشرين الثاني (نوفمبر)، بقلم صالح مهدي محمد أسقِني لقاءَكِ… فالعطشُ في صدري ليسَ ماؤهُ من بئرٍ، إنّما من نجمةٍ سقطتْ في صدفةِ عينيَّ، ولم تَعُد. أنا الذي شربَ الغيابَ حتى آخرِ قطرة، وغفا على رملِ الوقتِ كقاربٍ مكسورٍ، ينتظرُ مدًّا من (…)
الكرسيّ الفارغ ٢ تشرين الثاني (نوفمبر)، بقلم صالح مهدي محمد القرية تنام على صدى الأصوات، لا على صمتها. تتبدّل اللهجات في الأزقّة كما تتبدّل الرياح عند المنعطفات. لم يعرف أحد من بدأ الحكاية، لكنّ الجميع كان جزءًا منها. في المجلس الحجري عند عين الماء، (…)
آخر نُعاسٍ للحُلم ٣١ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد في هذهِ المدينةِ التي يتأخّرُ فيها الصبحُ، ويتقدَّمُ فيها العُمرُ بلا مواعيد، كلُّ شيءٍ يبدأُ على مهلٍ، كأنَّ الزمنَ يخافُ أن يُوقظَ أحدًا من غفوته. الرصيفُ مبلَّلٌ بخُطى الذين لم يعودوا، (…)
مدن ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد أستيقظُ في مدينةٍ — ربما الحلم — الهواءُ ثقيلٌ، يتسلّل بين الأرصفة، كلُّ نافذةٍ تحرسُ سرًّا، وكلُّ بابٍ يهمسُ بحكايةٍ لا تنتهي. زقاقٌ يمتدُّ، كأنَّه نهرٌ من وهمٍ خافت، والضوءُ المتردّد بين (…)
حبر بين الزمنين ٢٦ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد لم يكن في الغرفة سوى الصمت المتراكم، وغصنِ الشجرةِ الطويلِ بانحناءةٍ حول الشباك، وصندوقٍ بنيٍّ قديمٍ مهترئٍ يجلس في زاوية الغرفة، كما لو أنّه حارسٌ لأسرارٍ نائمةٍ منذ قرون. كنتُ أبحث بين أغراض (…)
رائحة الطين ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد الفجرُ يقشعُ الظلامَ، وبدأت ملامحُه تتشكّل فوق القرية، يوقظُ الجدرانَ ويتركُ على الطين أثرَ خطوطِ نوره الأوّل. كان صافياً في يومه هذا، وكان "ماهر" يتهيّأ للخروج نحو البئر، يحملُ إبريقًا نحاسيًا (…)
رحلة بين المحطات ٢٣ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد مدخل ١ الحافلة تتنفس، ويدور الزمان على عجلاتها كروحٍ تبحث عن مبتغاها. أضواء الطريق تتَرَاءى لها كذكرياتٍ تذبل، لكنها تُولد مع كل لحظة. الرجل الستيني بجانب النافذة، عيناه تشربان ما تبتلعه العجلات (…)
فوبيا ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد كان يعيش في قلعةٍ لا تُرى، قلعةٍ مشيّدةٍ من الخوف وحده. جدرانها من الظنّ، أبوابها من الهواجس، وسقوفها من صدًى يتهامس بين الحواس. لم يكن في القلعة حجرٌ واحدٌ من العالم الواقعي، ومع ذلك كانت (…)