الكرسيّ الفارغ ٢ تشرين الثاني (نوفمبر)، بقلم صالح مهدي محمد القرية تنام على صدى الأصوات، لا على صمتها. تتبدّل اللهجات في الأزقّة كما تتبدّل الرياح عند المنعطفات. لم يعرف أحد من بدأ الحكاية، لكنّ الجميع كان جزءًا منها. في المجلس الحجري عند عين الماء، (…)
آخر نُعاسٍ للحُلم ٣١ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد في هذهِ المدينةِ التي يتأخّرُ فيها الصبحُ، ويتقدَّمُ فيها العُمرُ بلا مواعيد، كلُّ شيءٍ يبدأُ على مهلٍ، كأنَّ الزمنَ يخافُ أن يُوقظَ أحدًا من غفوته. الرصيفُ مبلَّلٌ بخُطى الذين لم يعودوا، (…)
مدن ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد أستيقظُ في مدينةٍ — ربما الحلم — الهواءُ ثقيلٌ، يتسلّل بين الأرصفة، كلُّ نافذةٍ تحرسُ سرًّا، وكلُّ بابٍ يهمسُ بحكايةٍ لا تنتهي. زقاقٌ يمتدُّ، كأنَّه نهرٌ من وهمٍ خافت، والضوءُ المتردّد بين (…)
حبر بين الزمنين ٢٦ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد لم يكن في الغرفة سوى الصمت المتراكم، وغصنِ الشجرةِ الطويلِ بانحناءةٍ حول الشباك، وصندوقٍ بنيٍّ قديمٍ مهترئٍ يجلس في زاوية الغرفة، كما لو أنّه حارسٌ لأسرارٍ نائمةٍ منذ قرون. كنتُ أبحث بين أغراض (…)
رائحة الطين ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد الفجرُ يقشعُ الظلامَ، وبدأت ملامحُه تتشكّل فوق القرية، يوقظُ الجدرانَ ويتركُ على الطين أثرَ خطوطِ نوره الأوّل. كان صافياً في يومه هذا، وكان "ماهر" يتهيّأ للخروج نحو البئر، يحملُ إبريقًا نحاسيًا (…)
رحلة بين المحطات ٢٣ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد مدخل ١ الحافلة تتنفس، ويدور الزمان على عجلاتها كروحٍ تبحث عن مبتغاها. أضواء الطريق تتَرَاءى لها كذكرياتٍ تذبل، لكنها تُولد مع كل لحظة. الرجل الستيني بجانب النافذة، عيناه تشربان ما تبتلعه العجلات (…)
فوبيا ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد كان يعيش في قلعةٍ لا تُرى، قلعةٍ مشيّدةٍ من الخوف وحده. جدرانها من الظنّ، أبوابها من الهواجس، وسقوفها من صدًى يتهامس بين الحواس. لم يكن في القلعة حجرٌ واحدٌ من العالم الواقعي، ومع ذلك كانت (…)
أيامٌ بلا ذاكرة ٢١ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد اقترب المساء، وحين هدأت الأصوات في الحيّ القديم، كان سالم، الستينيّ، يجلس عند نافذة غرفته المطلة على حديقةٍ مهجورة. وضع فنجان الشاي أمامه، وغاب في صورٍ تتوهّج فجأة في رأسه: وجه أمّه وهي تناديه من (…)
تزاحم ١٨ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد الصورُ التي تهشَّمتْ، تجاوزَ عمرُها الزمني، وأثقلتْ على إطارِها والحائطِ المنحني. أومأتْ للوداع، شطرَ الثقوبِ المائلةِ إلى الشفق، تتهيّأُ للرحيل. تحتَ السقفِ من يُهدِّدُ أرواحَ سُكْنانا (…)
صباحٌ لم يُولَد بعد ١٤ تشرين الأول (أكتوبر)، بقلم صالح مهدي محمد أُريدُ صباحًا يأتي على تَؤَدَةِ حلمٍ، يَنسلُّ من بينِ أهدابِ الغفوة، عارٍ من الأخبار، ومن وجوهٍ تَختبئُ خلفَ زجاجٍ متجهِّم. صباحًا يَمشي على أطرافِ الضّوء، يوقظني بنسمةٍ تُحادثُ الشجر، ويُقدِّمُ (…)