الثلاثاء ٢٥ آذار (مارس) ٢٠٢٥
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

دنشواي الشهداء

الشهداء أحد المراكز الإدارية بمحافظة المنوفية وترجع تسميته بهذا الاسم إلى الفتح الإسلامى حين أستشهد عدداً من القادة والجنود العرب عند فتح المسلمين لمصر وتخليصها من حكم الرومان وكان على رأس المجاهدين سيدى محمد شبل ابن الفضل بن العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم وحول ضريحه مقابر للذين استشهدوا معه ويقع هذا المركز فى الجزء الغربى من المحافظة على فرع رشيد ويحده من الشمال مركز تلا ومن الجنوب مركز منوف ومن الشرق مركز شبين الكوم وفى الثالث عشر من شهر يونيو عام 1906 وصلت مجموعة من الضباط الإنجليز لقرية دنشواى التابعة لمركز الشهداء وذلك لممارسة الصيد وإذا برصاص بنادقهم يحرق أحد أجران القمح ويصيب أم محمد زوجة مؤذن القرية فاندفع الأهالى نحوهم غاضبين ففزع أحد الضباط الإنجليز وأخذ يجرى لأكثر من ثمانية كيلو مترات حتى أصابته ضربة شمس ومات فثارت ثائرة الاستعمار وتم القبض على عدد كبير من أهالى القرية وبعد محكمة صورية تم الحكم على أربعة بالإعدام وصدرت أحكام مختلفة على الباقين سواء بالسجن أو الجلد أو الأشغال الشاقة ولذلك تحتفل محافظة المنوفية بعيدها القومى فى الثالث عشر من شهر يونيو من كل عام تخليداً لبسالة وشجاعة أهالى قرية دنشواى.

قام الصحفي أحمد حلمي أفندي بتغطية الحديث يوميا من موقع المحاكمة ونشرتها جريدة اللواء التى أسسها وترأسها الزعيم مصطفى كامل وعن يوم إصدار الحكم قال : اصطف الجنود الإنجليز حول مكان الجلسة وأغمى على متهم وأصيب بنوبة عصبية ثم أمر الرئيس بطرس باشا غالى سكرتير المحكمة بقراءة الحكم وكان مكتوبا فاستهله باسم الجناب الخديوى ثم سرد وقائع الدعوى كشهادة الضباط تماما ووصف الجريمة بأنها كانت عن عمد وسبق إصرار ظاهر وقال إنه كان فى إمكان الضباط المعتدى عليهم صيد الأهالى بأسلحتهم صيد حمامهم ثم حصر التهمة فى المحكوم عليهم وقال إنهم لم يتركوا بعملهم الفظيع محلا للشفقة لأنهم لم يكونوا من المشفقين على الضباط وصور الواقعة أنها قتل سبقه أو أقرن به أو تلاه جريمة السرقة بالإكراه وهى جريمة معاقب عليها فى القانون المصرى

قدمت المحكمة حيثيات حكمها قبل النطق به وقالت فى بدايته: فى قضية التعدى الذى وقع من بعض أهالى دنشواى بمركز شبين الكوم بمديرية المنوفية فى يوم 13 يونيو سنة 1906 بالناحية المذكورة على خمسة ضباط من جيش الاحتلال الذى نشأ عنه قتل أحدهم وكسر ذراع آخر وإصابة الباقين وبعد سماع أقوال الاتهام وشهادة الشهود وأقوال المتهمين والمدافعين عنهم وبعد الاطلاع على أوراق الدعوى وبعد المداولة فيها فإن هذه الجريمة وقعت على ضباط جردوا أنفسهم من السلاح وأصبحوا لا حول لهم إلا النجاة وهم لا ينالونها مع ما بذلوه من المجهود ولم يبد منهم عداء ولم يقع منهم قول أو تصدر منهم إشارة توجب حنق المعتدى حتى ينكلوا هذا التنكيل وحيث إنه مما يزيد فى شناعة هذه الجريمة أنها وقعت على ضباط عرفوا بالبسالة وجابوا مواقع الحروب وكان فى إمكانهم صيد المعتدين بدل صيد حماماتهم ولكنهم ظنوا جميلا فسلموا عدتهم ليسلموا فكان العطب فيما فعلوه

وأضافت المحكمة فى حيثياتها: حيث إن المحكمة قضت ثلاثة أيام تسمع فيها هذه الدعوى وشهادة الشهود وأقوال الاتهام والدفاع عن المتهمين وقد ثبت لها أن المجرمين فى هذه الحادثة هم حسن على محفوظ ويوسف حسين والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران ومحمد عبدالنبى المؤذن وأحمد عبدالعال محفوظ وأحمد محمد السيسى ومحمد على أبو سمك وعبده النقلى وعلى على شعلان ومحمد مصطفى محفوظ ورسلان السيد سلامة والعيسوى محمد محفوظ وحسن إسماعيل السيسى وإبراهيم حسانين السيسى ومحمد النباشى والسيد على والسيد الموفى وعزب عمر محفوظ والسيد سليمان خير الله وعبد الهادى حسن شاهين ومحمد أحمد السيسى وحيث إن هؤلاء المتهمين لم يتركوا بعملهم الفظيع هذا محلا للشفقة فما كانوا من المشفقين وحيث إن رؤساء هذه الواقعة هم الأربعة الأولون فهم الذين أهاجوا الأهالى حكمت المحكمة حضوريا حكما لا يقبل الطعن ضد : أولا - حسن محفوظ ويوسف حسين سليم والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران بالإعدام شنقا فى قرية دنشواى وثانيا - حكمت ضد محمد عبد النبى المؤذن وأحمد عبد العال محفوظ بالأشغال الشاقة المؤبدة وثالثا - حكمت ضد أحمد محمد السيسى بالأشغال الشاقة المؤبدة 15 سنة ورابعا - حكمت ضد على محمد على أبو سمك وعبده البقلى وعلى على شعلان ومحمد مصطفى محفوظ ورسلان السيد والعيسوى محمد محفوظ بالأشغال الشاقة سبع سنين وخامسا - حكمت ضد حسن إسماعيل السيسى وإبراهيم حسانين السيسى ومحمد السيد على بالحبس مع التشغيل سنة واحدة وبجلد كل واحد منهم خمسين جلدة وأن ينفذ الجلد أولا بقرية دنشواى وسادسا - حكمت ضد السيد الفولى وغريب عمر محفوظ والسيد سليمان خير الله وعبدالهادى حسن شاهين ومحمد أحمد السيسى بجلد كل واحد منهم خمسين جلدة بقرية دنشواى أيضا وسابعا - حكمت ببراءة باقى المتهمين وأمرت بالإفراج عن المتبرئين فورا إن لم يكونوا محبوسين بسبب آخر.

أكد عبدالرحمن الرافعى فى كتاب مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية أن هذا الحكم قوبل بالدهشة لصرامته ولأنه فاق كل ما كان يتوقعه المتشائمون وخلا من كل إنصاف وعدل إذ كانت الحادثة راجعة أصلا إلى عدوان الضباط البريطانيين ولم يقع اعتداء من الأهالى إلا بعد أن أصيبت إحدى نسائهم وحرق جرن لهم ولم يمت من الضباط الإنجليز سوى ضابط واحد ثبت من تقرير الطبيب الشرعى الإنجليزى أن سبب الوفاة هو ضربة شمس أصابته من شدة الحر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى