

طغيانُكَ إلى زوال
يا نتنياهو، أما آنَ الرحيلُ؟ أما
ذلَّ الجبينُ؟ أما لاحتْ لنا العِبَرُ؟
أما سئمتَ دمًا مسفوكَ ناحيتك
كأنّما الأرضُ مذبوحٌ بها القمرُ؟
تمشي على كبدِ الأقصى، كأنّ بها
حقًا أُعِدتْ لكَ الدنيا وما حَوَتِ الدُّرَرُ
وتنسجُ الوهمَ تاجًا من جماجمِنا
وتسكنُ الرعبَ، لا تأويك مُعتَذَرُ
يا هادمَ النورِ في عينيّ الطفولةِ هل
تهوى البكاءَ؟ أم الآهاتُ تُعتبرُ؟
يا من بنيتَ من الأشلاءِ مملكةً
تُباعُ فيها وصايا اللهِ والحَجرُ
يا مَن تُغذّي الحروبَ الخُرسَ، صامدةً
وتُلبسُ الظلمَ في أفواهِنا صُوَرُ
أراكَ تركضُ نحو الموتِ منتشياً
وفيكَ تُختزلُ الأضغاثُ والسُّعَرُ
تخشى النشيدَ إذا هبّت حناجرُنا
وتُرعِدُ القلبَ أن يُروى لنا خبرُ
أنَّا صمدنا، وأنّا رغم مقتلتك
ما زالَ فينا رجاءٌ، رغمَ ما انكسروا
أنَّ الجدودَ على أسوارِنا صعدوا
وأنّ فينا دمَ الإيمانِ يُفتَخَرُ
نحيا لنحفظَ إرثَ الصبرِ من زمنٍ
تُؤرّخهُ في فلسطينَ المدَى سِيَرُ
أما ترى عيونَ القدسِ باكيةً؟
تستنطقُ الوقتَ: هل للحقِّ مُنتصَرُ؟
لكننا نحملُ الأرواحَ منجَلنا
ونقتفي خُطُبَ النابلسيّ إن حضروا
أمّا عن الرملِ، إن سالتْ دماؤهُ
قالتْ: “أنا الأرضُ، لا يُدنّسني بشرُ”
فانظرْ، لتعلمَ أن الصخرَ إن نفدَت
نيرانهُ، فبنيرانِ الهوى ظفروا
فاخسأ، فلن تُطفِئَ الأرواحَ أسلحةٌ
ولن تُبدّدَ حقًّا راحَ ينتصرُ
هذه القصيدة ليست مجرّد هجاء لسياسيٍّ دموي، بل هي بيانُ حُريةٍ من رحم اللغة، تُجسّد فلسفة أدب المقاومة الفلسطينية في أبهى تجلياتها. فهنا لا يُهاجم الاحتلال بالسلاح، بل تُسقطه القصيدة من عليائه المُزيَّف، وتُعيده إلى حجمه الأخلاقيّ الحقيقي: محتلٌّ خائفٌ من طفلٍ، مرتعدٌ من نشيد.
وفي النصّ، تنقلب المفاهيم: يصير القاتلُ هو المرتجف، وتصير الضحيةُ أصلب من ركامها. فالشعرُ في هذه القصيدة ليس ترفًا بل فعلُ مقاومة، والمجازُ ليس تزيينًا بل قذيفة، والكلمةُ ليست صوتًا بل شهادةُ حياة.
هكذا نكتب، لأنّنا نرفض الصمت، ونؤمن أن ما لا تقولهُ البنادقُ، تقولهُ القصائد.
وهكذا نقاوم، لأننا نعرف أن الطغيان إلى زوال… وأننا، نحن الفلسطينيين، باقون