حكايتي مع كتابين
كم مرة حدثتني نفسي أن أكتب هذا الموضوع ولن آبى إلا أن أرجئه إلى فرصة أخرى، لأنه موضوع في الظاهر لا يهمني إلا أنا، ولكن بما أن الأمر يتعلق بالكتاب وهو شغفي الأعظم عزمت أن أكتبه انطلاقا من تصور أني قد لا أكون وحدي أمتلك الشغف إياه، بل يمتلكه كل واحد يمتشق القلم ويكتب، وحتى من ابتلاه بالقراءة وحدها، وهي نعم الابتلاء. وأقول:
هناك من الكتب من يعتبره صاحبه فلذة من كبده، لا يصبر على مفارقته ولا يتحمل الابتعاد عنه، وهو الأمر الذي حدث معي بالنسبة لمجموعة من الكتب لم أصبر على أن تكون من ضمن محتويات مكتبتي المتواضعة ثم لأمر ما ضاعت منها أو لم أعد أراها فيها وقد راودتني نفسي بالرجوع إليها لقراءتها ابتداء أو لإعادة قراءتها.
حدث مرة أن عزمت على إعادة قراءة كتاب:
المادية والمذهب النقدي التجريبي
لمؤلفه:
لينين
فبحثت بين الكتب فلم أتوفق في إيجاده، مع أني أعدت المحاولة تكرارا ومرارا فلم أفلح، ثم شدني الحنين إلى إعادة قراءة الكتيب الصغير:
البيان الشيوعي
لماركس وإنجلز
ونفس الشي الذي حدث لي مع كتاب لينين حدث لي مع البيان الشيوعي.
فقلت مع نفسي ربما ضاعا مني وأنا في مكان ما من المدينة، ولكن لماذا لم يضع مني كتاب:
أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة
لإنجلز
لأنني على ما أتذكر كنت أحمل الثلاثة معي وأنا أهم بقراءة واحد منهم على الأقل في أحد الفضاءات بالمدينة.
ولأنني مرة مرة أعرج على الجوطية (سوق الأشياء المستعملة)، وقعت عيني على الكتابين فوق فرّاشة، لكن لم أعرهما اهتماما لعلمي اليقيني أنهما ما زالا في ملكيتي وهما قابعان في ركن ما من مكتبتي.
نسيت الأمر وفي أحد الأيام قلت سأعيد ترتيب الكتب، وبينما أنا أرتبها وإذا بي أعثر على كتاب لينين هو بعينه وشخصه، ثم عثرت على البيان الشيوعي.
كان ابتهاجي بالكتابين عظيما، لدرجة أنني شرعت في إعادة قراءتهما فورا، وصرت أضعهما في درج مكتبي حتى يكونا دائما إلى جانبي.
لقد صدق من قال:
وحبك الشيء يعمي ويصم.
اللهم أعذنا من العجز والكسل وغلبَة الرجال.
