جمرة الغضب
| ماذا أقولُ؟ فلا شِعري وَلا أَدَبي | |
| يكفي لِأنقُلَ ما في القَلبِ مِن عَتَبِ | |
| ماذا أقولُ وَقَد فَارقتُ أَروِقَة (الـ | |
| ـبُكمَالِ) مُندَهِشَاً يَقتادُني غَضَبي؟ | |
| ماذا أقولُ؟ .. وَأهلُ (البُوكَمالِ) رِجَا | |
| لٌ كُلُّهُم خُلِقُوا مِن مَعدَنِ الذَّهَبِ | |
| كانوا إذا اجتَمَعُوا في ايِّ منطقةٍ | |
| يُقَالُ أنَّ ضياءَ الخيرِ لم يَغِبِ | |
| كانوا النَّخيلَ وَكانوا مَعشَرَاً عُرِفوا | |
| كالعِثقِ هُم دائِمَاً كالتَّمرِ وَالرُّطَبِ | |
| أخلاقُهُم نَبَتَت في حَوضِ (بُقجَتِهِم) | |
| فَوحَّدت بَينَهُم في أكرَبِ الكُرَبِ | |
| وَحَالُهُم حَالُ نَهرٍ خَيِّرٍ أَبَداً | |
| يبقى العَطاءُ لهُ في البُعدِ وَالقُربِ | |
| أهلٌ جَميعاً رَبوا في حُضنِ بلدتهم | |
| تَشرَّبُوا طيبها من مائِها العَذبِ | |
| كانوا إذا افترقُوا عَن بعضِهم جَمَعت | |
| أشتَاتَهُم بَلَدٌ، وَاليومَ يا عَجَبي | |
| غابت عَنِ النَّشءِ أخلاقٌ و تربيةٌ | |
| فأَبدَلُوا غُرَرَ العاداتِ بالذَّنَبِ |
| قُل لي - بِربّكَ - هَل شِعري وَهَل أَدَبي | |
| يَكفي لأُخمِدَ ما في القَلبِ مِن لَهَبِ؟ | |
| ضَاعَ الشَّبَابُ فَلا هَمٌّ وَلا هِمَمٌ | |
| إلَّا مَعَ الجَهلِ نَحوَ الخُبثِ وَالشَّغَبِ | |
| بـ(ـالبُوكَمَالِ) .. وَأهلُ (البُوكَمالِ) رِجَا | |
| لٌ كُلُّهُم خُلِقُوا مِن مَعدَنِ الذَّهَبِ | |
| مَا للشَّبَابِ هُنا أَضحَت هِوايَتَهُ | |
| فِكرَ الخَنَاجِرِ لا التَّفكِيرَ بالكُتُبِ | |
| حَتَّى الطُّفُولَةُ مَا عَادَت مُؤَمَّنَةً | |
| فَالثَّأرُ يُولَدُ للأطفالِ في اللُّعَبِ | |
| بَعدَ القَتيلِ قَتيلٌ قَبلَهُ قُتِلَ | |
| عِشرونَ مِن أَهلِهِ -ذَبحَاً- بِلا سَبَبِ | |
| رُوحُ القَتيلِ أَتَت عَجلى إِلى أُمٍّ | |
| ثَكَلى وَقَالت لَها : قَد ماتَ فانتَحِبي | |
| وَالقَاتِلُونَ فَمَا مَرَّت عَوائِلُهُم | |
| إلَّا من الثَّأرِ نَحوَ الخَوفِ وَالرُّعُبِ | |
| لو أنَّ فِعلَتَهُم لم تُرتَكَب أبَداً | |
| لَعادَ مَن قَتَلوا مَيتاً وَلَم يَطَبِ | |
| فَالموتُ مُنتَظِرٌ في كُلِّ مُنعَطَفٍ | |
| وَاللهُ قَدَّرَهُ مِن أَقدِمِ الحُقَبِ | |
| غابت عَنِ النَّشءِ أخلاقٌ و تربيةٌ | |
| فأَبدَلُوا غُرَرَ العاداتِ بالذَّنَبِ |
| يا قوماً اشُتُهِروا بالخُلقِ وَالأَدَبِ | |
| وَذِكرُهُم طَابَ في شَامٍ وَفي حَلَبِ | |
| يا إخوةَ الدَّارِ هَل حَلَّاً لِأَطَلُبَهُ | |
| يا إخوةَ الدَّارِ لَو أعلى مِنَ الشُّهُبِ | |
| فَهذهِ الدَّارُ لم تَنضب كَرَامَتُها | |
| كَلَّا وَلا فَارَقَتها نَخوَةُ العَرَبِ | |
| وَالحِقدُ وَالكُرهُ وَالثَّارَاتُ ما اشتَعَلوا | |
| إلا بَنَارٍ نَمَت مِن جَمرَةِ الغَضَبِ | |
| وَ - رُبَّمَا - الجَهلُ وَالأحقَادُ قادِرَةٌ | |
| أن تجعَلَ الأهلَ مِثلَ النَّارِ وَالحَطَبِ |
| يا مُلهِم الشِّعرِ يا بَحرَاً مِنَ الأَدَبِ | |
| قُل بي - بِربّكَ - هَل بَالَغتُ في عَتَبي؟ | |
| قُل لي أَعَابَ شُعوري أَنّني رَجُلٌ | |
| لا يعرفُ الدَّربَ للتضليلِ وَالكَذِبِ | |
| وَأنَّ لِي أَمَلاً في أهلِ مَنطِقَتي | |
| وَأنَّها نَخلةُ (البُكمَالِ) لي لَقَبي | |
| البُوكَمَالُ أَبي ..البُوكَمَالُ أَبي | |
| البُوكَمَالُ أَبي .. البُوكَمَالُ أَبي | |
| حَقَّ العِتَابُ عَليها مِن غَلاوَتِها | |
| حَقَّ العِتابُ عَليهَا فَانتَخَى أَدَبي |
