الخميس ٦ شباط (فبراير) ٢٠٢٥
بقلم صالح سليمان عبد العظيم

ترامب «والبلطجة» السياسية

لقد كانت صورة دونالد ترامب باعتباره "بلطجيا" موضوعا متكررا طيلة حياته السياسية. فمنذ أيامه الأولى في الحملة الانتخابية وحتى رئاسته، كانت خطابات ترامب العدوانية وأسلوبه المواجهي تثير مقارنات كثيرة مع صورة البلطجي الذي لا يهتم سوى بتحقيق مزاعمه الخاطئة المتجنية على الآخرين وعلى المشروعية القائمة. ويزعم المنتقدون أن نهجه في الدبلوماسية والسياسة الداخلية والتفاعلات الشخصية ينطوي في كثير من الأحيان على التخويف والترهيب، والتقليل من شأن المعارضين مع ضرورة استهدافهم وإذعانهم، واستخدام ديناميكيات القوة لتأكيد الهيمنة. وقد تعزز هذا التصور بميله إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للتشهير العلني والهجمات الشخصية، الأمر الذي عزز سمعته كشخص يزدهر وينمو في الصراع والانقسام.

وفي سياق العلاقات الدولية، امتدت شخصية "البلطجي" هذه إلى كيفية تعامل ترامب مع القضايا العالمية، وخاصة تلك التي تنطوي على مجتمعات مهمشة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك نهج إدارته تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث شعر العديد من المراقبين أن الولايات المتحدة تحت حكم ترامب فضلت إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية. لقد تعرضت قضية ما يسمى بـ "صفقة القرن"، التي تم الكشف عنها في عام 2020، لانتقادات واسعة النطاق لتجاهلها المطالب الرئيسية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة. ومن خلال إعطاء الأولوية للمصالح الإسرائيلية ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس دون استشارة الفلسطينيين، رأى البعض أن سياسات ترامب تعمل على إدامة اختلال التوازن في القوة الذي يعكس أسلوبه القيادي المتسلط والمعربد.

إن تهجير سكان غزة بمثابة توضيح مؤثر للمخاوف الإنسانية الأوسع المرتبطة بهذه السياسات. لعقود من الزمن، واجه سكان غزة ظروفا معيشية قاسية بسبب الحصار والصراعات العسكرية والقيود الاقتصادية. وفي ظل إدارة ترامب، تم تقليص الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم مساعدات حاسمة للاجئين الفلسطينيين، بشكل كبير. وقد أدى هذا القرار إلى تفاقم الصعوبات القائمة وترك السكان المعرضين للخطر بموارد أقل. ويزعم المنتقدون أن مثل هذه الإجراءات تعكس تجاهلا لمعاناة الناس العاديين المحاصرين في صراعات جيوسياسية، مما يعزز فكرة أن السياسة الخارجية لترامب كانت مدفوعة بتحالفات أيديولوجية أكثر من التعاطف أو العدالة.

وعلاوة على ذلك، يتقاطع سرد ترامب باعتباره متسلطا مع السياق التاريخي الأوسع للاستعمار والنزوح. فعلى مر التاريخ، استخدمت الدول القوية الإكراه والقوة في كثير من الأحيان لإعادة تشكيل الأراضي والسكان بطرق تخدم مصالحها. وفي ضوء ذلك، يمكن النظر إلى موقف ترامب بشأن غزة كجزء من نمط أكبر من ديناميكيات القوة غير المتكافئة، حيث يتم تجاهل أو قمع أصوات واحتياجات المجموعات الأقل قوة. وقد أكد إحجام إدارته عن التعامل بشكل هادف مع القادة الفلسطينيين ونهجها الأحادي الجانب في مفاوضات السلام على الافتقار إلى التعاطف مع أولئك الذين تتأثر حياتهم بشكل مباشر بهذه القرارات.

من ناحية أخرى، قد يزعم أنصار ترامب أن موقفه الصارم بشأن غزة والشرق الأوسط الأوسع كان ضروريا لتأمين الاستقرار الطويل الأجل وحماية المصالح الأمريكية. ولكن هل يمكن أن يكون ترامب أكثر تسامحا مع الفلسطينيين؟ قد يزعمون أن نهجه غير المعتذر في الدبلوماسية، على الرغم من الجدل الدائر، أسفر عن نتائج ملموسة، مثل اتفاقيات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية. ومع ذلك، حتى في إطار هذا المنظور، تظل الأسئلة قائمة حول ما إذا كان السلام الدائم يمكن تحقيقه حقا من خلال تدابير أحادية الجانب يفشل في معالجة الأسباب الجذرية للصراع وعدم المساواة.

في نهاية المطاف، يسلط تقاطع صورة ترامب "البلطجي" وقضية تهجير سكان غزة الضوء على تعقيدات الجغرافيا السياسية الحديثة. ويثير أسئلة مهمة حول دور القيادة في تعزيز الحوار مقابل الهيمنة، والمسؤوليات الأخلاقية للدول القوية عند معالجة الأزمات العالمية. ومع استمرار المناقشات حول أفضل السبل لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، من الأهمية بمكان النظر ليس فقط في الآثار السياسية لمختلف الأساليب ولكن أيضا في التكلفة البشرية التي يتحملها أولئك الأكثر ضعفا. فقط من خلال التعاطف الحقيقي والحلول العادلة يمكن تحقيق تقدم ملموس نحو السلام والعدالة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى