

الناقد والمؤرخ والمخرج الدكتور عمرو دوارة..سيرة ومسيرة

الناقد والمؤرخ والمخرج الدكتور عمرو دوارة من مواليد عام 1955 لأسرة فنيه فوالده فؤاد دوارة شيخ النقاد المسرحيين وفي عام 1978 تخرج عمرو فى كلية الهندسة وفي عام 1984 تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية وفي عام 1986 حصل على الدكتوراه فى هندسة نظم المعلومات واضطر للعمل فى عالم التوثيق بالمكتبات الذى بسببه حصلت على دورات فى مركز الأهرام للمعلومات وجعله يعمل فى عدة أماكن منها وزارة الصحة والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية وطوال هذه الفترة كان يشعر بالحزن الشديد لأنها أبعدته عن فن المسرح الذى يعشقه وفي عام 2002 حصل على الدكتوراه فى فلسفة الفنون من أكاديمية الفنون عن موضوع الإخراج المسرحى بين مسارح الهواة والمحترفين.
بلغت مؤلفات الدكتور عمرو دوارة 36 كتابًا من بينها المسرح القومي منارة الفكر والإبداع وكرم مطاوع مؤلف العرض المسرحية والمسرح هموم وقضايا والإخراج المسرحي بين المحترفين والهواة وكان أكثر ما يفخر به موسوعته الفريدة المسرح المصري المصور التي تضم 18 جزءً و17 ألف صفحة و22 ألف صورة نادرة توثق لتاريخ المسرح المصري والعربي كما أخرج الراحل 65 عرضا مسرحيًا منها 35 من إنتاج فرق مسارح الدولة مثل القومي والحديث والطليعة والغد والشباب إلى جانب عدد كبير من العروض لهواة المسرح في الأقاليم والمدارس والجامعات.
موسوعته المسرح المصري المصور جاءت من إحساسه بالمسئولية حيث كان يجد موسوعات كثيرة فى السينما برغم أن بيانات أى فيلم مسجلة فى التترات الخاصة به وهو ما لم يكن متوافرا للمسرح خصوصا أن أغلب المسرحيات لم يتم تصويرها وبالتالى ليس بين أيدينا بيانات كافية ولا موسوعات فقرر أن يقدم الموسوعة خدمة لوطنه فالموسوعة تحوى مناطق لم يقترب أحد منها من قبل مثل مسرح الصالات وهو ليس كما يتصور الكثيرون مسرح الكباريه لكنه مسرح وطنى كان يقدم عروضا ضد الاحتلال ومشاكل اجتماعية مثل البطالة والإدمان ولم يكن المسرح قاصرا وقتها - كما يعتقد الكثيرون - على صالة بديعة مصابني بل كان هناك أيضا صالات ببا عز الدين ومارى منصور ورتيبة وإنصاف رشدى وفتحية أحمد وبالتالى كان لدينا تاريخ طويل من المسرح الذى قادته فرق القطاع الخاص وشهد قامات مسرحية خالدة فى تاريخنا مثل عزيز عيد الذى كان يخرج لمسرح الصالات ويؤلف له بديع خيرى وأبو السعود الإبياري وكانت أول فرقة مسرحية حكومية أنشئت فى الشرق الأوسط والوطن العربى فرقة المسرح القومي سنة 1935 ثم فرقة مسرح الجيب فى أوائل الستينيات وكان أول عرض لها لعبة النهاية تأليف صمويل بيكيت وأخرجه مديرها سعد أردش وكانت هويتها تعتمد على تقديم عروض أجنبية من المسرح العالمي لكن عندما قام المخرج سعد أردش بترشيح الفنان كرم مطاوع لقيادة هذه الفرقة غير هويتها فجعل منها مسرحا شعبيا وشهد تقديم العروض من المسرحيات منها ياسين وبهية لنجيب سرور وشفيقة ومتولى بجانب استمرارها فى تقديم النصوص العالمية بعد ذلك بدأت تجربة مسرح التليفزيون التى بدأت بثلاث فرق هى السلام والنهضة والحرية وفى العام التالى تم إنشاء فرقة المسرح الحديث بقيادة محمد توفيق والمسرح الكوميدى بقيادة محمود السباع والمسرح العالمى بقيادة حمدى غيث كما تم إنشاء فرقة مسرح الحكيم بقيادة رشاد رشدي إلا أنه فى عام 1966 تحولت تبعية هذه الفرق من مسرح التليفزيون إلى مؤسسة المسرح والسينما والموسيقى وهذه التبعية كانت الشرارة لظهور فرق مسرحية خاصة جديدة فرغبة من نجوم المسرح فى التمرد على الروتين الحكومي كان من نتيجة ذلك ظهور جيل عظيم من المسرحيين منهم فؤاد المهندس ومحمد عوض وأمين الهنيدي وسمير خفاجي ويوسف عوف وخيرية أحمد وشويكار وعقيلة راتب ونجوى سالم وأبو بكر عزت وحسن مصطفى وجمال إسماعيل، وغيرهم فكانت قفزة كبيرة فى عالم فرق القطاع الخاص جعلتنا نرى فرقا جديدة مثل الفنانين المتحدين ومسرح مدبولى وغيرهما خصوصا أنه قبل ذلك لم يكن هناك سوى عدد محدود منها مثلا علي الكسار ونجيب الريحاني وإسماعيل ياسين.
الناقد والمؤرخ والمخرج الدكتور عمرو دوارة استغرق 27 سنة في إعداد الموسوعة ولم يقتصر الأمر على ما أنفقه فيها من سنوات عمره لكنه أيضا أنفق عليها الكثير من أمواله التى ذهبت فى جمع مادتها وكذلك صورها التى أنفق عليها المزيد من أجل ترميمها لكى تصبح عالية الجودة خصوصا أن ما حصلتعليه من صور لم يكن بالأمر الهين فمثلا عندما كان يقوم بجمع المعلومات عن مسرحيات الفنان عبد المنعم مدبولي اضطرر لأن يذهب إلى ابنته التى تسكن فى مدينة السلمانية على طريق مصر الصحراوى ليكتشف بعد هذا المشوار الطويل والمرهق أنه ليس لديها الصور التى كان يبحث عنها علاوة على مشاوير لمحافظات أخرى بعيدة عن القاهرة مثل الإسماعيلية وبورسعيد والشرقية وغيرها من أجل الحصول على صورة أو معلومة لذلك فإن هذه الموسوعة كان الأولى بعملها هو المركز القومى للمسرح الذى تأسس فى الستينيات وشهد تعيين الكثير من الموظفين منذ بداياته حتى اليوم.
أطلق على الناقد والمؤرخ والمخرج الدكتور عمرو دوارة عشرات الألقاب منها نقيب هواة المسرح و الهاوي الأول وراهب المسرح وجبرتي المسرح العربي وحارس ذاكرة المسرح المصري.
حصل الدكتور عمرو دوارة على العديد من الجوائز المصرية والعربية والعالمية منها جائزة الإخراج الأولى عام 1996 والجائزة الأولى للنقد الأدبى من اتحاد كتاب مصر عام 2016 عن كتاب المسرح القونى منارة الفكر والإبداع وجائزة العرض الأول من مهرجان توياما العالمي باليابان عام 2000 وفي عام 2022 حصل على جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2022 تقديرًا لمسيرته الطويلة وإسهاماته البارزة في إثراء الثقافة والمسرح المصري ويُعد الدكتور عمرو دوارة من أبرز الأسماء في عالم المسرح المصري والعربي إذ كرس حياته لتوثيق وتاريخ الحركة المسرحية وترك بصمة واضحة في مجالات النقد والتأليف والإخراج
صباح يوم الخميس 9 أكتوبر 2025 توفى الناقد والمؤرخ والمخرج الدكتور عمر دوارة بعد صراع مع المرض وأقيمت صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر في مسجد الأخشيد بمنيل الروضة وتوارى جثمانه بين ثرى مقابر العائلة بالإسكندرية وقد نعته وزارة الثقافة بقولها: (ببالغ الحزن والأسى رحل المخرج والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة بعد مسيرة حافلة بالعطاء أثرى خلالها الساحة الفنية والثقافية بجهوده وإسهاماته في الإخراج والنقد والتوثيق للمسرح المصري ورواده وكان الراحل نموذجًا للمثقف المخلص لفنه ووطنه وقدم على مدار مسيرته الطويلة عطاءً متواصلًا في خدمة المسرح المصري والعربي .. إن المشهد الثقافي فقد قامة نقدية وبحثية كبيرة تركت بصمة واضحة في تاريخ المسرح المصري) كما نعاه المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والجهات والهيئات الثقافية والفنية والأدبية والأصدقاء والشعب المصري .