

أُخوّة
فلْتَلْتمِسْ لِمَنِ انقضىْ الأعذارا
وبِرحْمةٍ ادعوْ لهُ الغفّارا
تلكَ الأخوّةُ أصْبَحتْ خبَرًا على
موجِ سرىْ عبرَ الفضا دوّارا
والذِّكْرُ لولا ربُّه ما ظلَّ والـ
حَرَمانِ لولا حفظُهُ لانهارا
والميْتُ لو ناديتَ كلَّ الدّهرِ ما
قرَّ النِّدا في سمعِهِ أوْ دارا
وبقيّةٌ منهُ تناشِدُها الدِّما
ءَ ولم تزِدْ عن كونِها أحْجارا
جلبَتْ لكَ الأعداءَ والعُبدانَ والـ
أوغادَ والشُّذّاذَ والفُجّارا
ألصّفحَ أيتها الحجارةُ فاتَني
أنّ الحجارةَ أنجَدتْ أحرارا
عبر البلادِ وخلّدتْ أمصارا
عبر الزمانِ وحُمِّلتْ أخبارا
للسابقينِ وأَلهمتْ أفكارا
للمُنشئينَ ونَزَّهَتْ جبّارا
ومآثرٌ لِمَنِ انقضَوا حمّالةٌ
للوهْمِ أسرابًا تُذَكِّي نارا
حتّى ليغدو واحدُ الثُّوارِ في
الوِجدانِ منكَ متى هوَتْ ثُوّارا
فتُصِرُّ أنّك لو خرجْتَ بهم إلى
البلدانِ لاسْتَعْمَرتها اسْتعمارا
وتقيمُ إحياءً لها الحَفلاتِ والـ
نَدواتِ فيها تُنشِدُ الأشْعارا
وتقودُ مُعْتدًّا بها الحملاتِ والـ
غزواتِ حتّى تصْحبَ الأقمارا
في قرنِ إسرائيلَ والأعرابِ أنــــ
صارًا غدَتْ تَتسوَّلُ الأنْصارا
بل إنّها في دورِهمْ طمعًا بِصفـ
ــــحِ إلههِم تُسْتنكرُ اسْتنكارا
ومعالمٌ في الأرضِ ترويْ نجْدةَ الـ
أخِ للإخاءِ بحصْرهِ الأنهارا
وكأنّ ما يتَخلَّلُ الأصْقاعَ مِنْ
ماءٍ دماءٌ تجْمعُ الأقطارا
و على نفوسٍ باسقاتٍ حجّةٌ
لا تُتّقى تسْتوجِبُ الإبْحارا
ما أضيقَ الأكوانَ والأزمانَ إذْ
تُجرىْ الدُّنى لأُخوّةٍ إعْصارا
لم يبْقَ من تلكَ الأخوّةِ غيرُ ما
يــــــرتـــــــــــــادُه زوّارُهـــا آثـــــارا
ومغانمٌ غُنمتْ بما في اللهِ دو
ن الضّادِ والدّمِ أصبحَتْ أخْبارا
تأتيكَ في نغَمِ المواضي كُلّما
راقَ الزّمانُ وأشعلَ الأنوارا
ومتى ترُقْ نفسُ الزّمانِ فما مَضى
أحْلى الّذي يُشجيْ بهِ الزوّارا
وأخوةٌ في اللهِ والإعرابِ والـ
ـدّمِ لهْيَ أجملُ ما انْقضى أقْدارا
وَيْ لو يعودُ بنِا الزمانُ لما مضى
ويْ لو يعودُ بما مَضى إعْمارا
و مجلّداتٌ أينَ رُحتَ وجَدْتَها
ووجَدْتَ فيها أهلكَ الأطْهارا
تُحْمي بكَ الأنفاسَ رهبَتُها فتُمــْ
ــسي مثلَ مَن يَتَرَقَّبُ الأخْطارا
فإذا دَخَلْتَ مُقَلِّبًا أوشَكْتَ مِنْ
حرِّ الإخاء هُناكَ أنْ تنهارا
فتنامُ فوقَ سُطورِها مُتلحِّفًا
دفءَ الإخاءِ وتمتطيْ الأدْهارا
وجرائدٌ موصوفةٌ بالعارِ من
كُبرى الفِرى تستلهمُ الأخبارا
وكأنّها وُجدَتْ لتلْجمَ كلَّ مُنـ
ــتصِرٍ لقُدسٍ تنقضُ الأعذارا
ماتتْ أُخُوّتُنا ليخلُفَ إخوةٌ
في العارِ علَّوا بينهُم أسْوارا
ماتتْ وماتَ نصيرُها في أمّةٍ
باعتْ أخًا كي تشْتري أغيارا
وكأنّ من نادَوا بها نوحٌ فلمْ
يُبقِ المهَيمِنُ منهمُ ديّارا