

نقفات رحبانيّة «2»
(لذكرى الخالد زياد)
1
ماتَ زيادُ الرّحباني
لكنَّ الأفراحَ
لا تموتُ "بالأفراحْ"
ولا المسارحُ تموتُ
قدْ تموتُ الجراحْ
ولكنْ لا تموتُ الأغاني
2
ماتَ الفاني
وظلَّ الخالدُ يا زيادْ
قدْ يموتُ العازفونَ
المغنّونَ
وأعضاءُ الجوقةِ
والمايسترو
ولكنْ لا تموتُ الأرواحُ
ولا الأعيادُ
ولا الأفراحُ
ولا الإنشادْ
ولا الفنُّ الخالدُ يا زيادْ
3
متَّ ولمّا نعرفْ
"بالنّسبة لبكرا شو"
ولكنّكَ تعرفُ
أنتَ تعرفُ
نفسُ الخازوقِ ياللي إمبارح حشوا
ما زالَ اليومَ محشيًّا فينا
وبدهن بكرة يعودوا يحشوا
4
قدّموا السّاعة
ساعة
قدّموها للاشيءٍ
قدّمَها تجّار العملةِ والباعة
قدّموا موعدَكَ
كأنَّ فنَّكَ سلعةٌ مادّيّةٌ
بلا روحٍ
أوْ بضاعة
فهلْ يموتُ خلودُكَ قبلَ ساعة
5
شي مش ممكن يصيرْ
إنّه غني عم يعطي فقيرْ
بعرق كثير
ويللي يمكن يصيرْ
كالعادة كل يوم
بهالإيّام اللي وصلنالا
إنّه الغني يأخذ من الفقيرْ
بعرق قليل وبربح كثيرْ
ملايينه كثرتْ
وكثرتْ الحميرْ
من آكلي الشعيرْ
وبظلّوا يقولوا الله كبيرْ
6
بتعرف يا زيادْ
أنّه بعد ما نسّم هوانا
ما في جديدْ
ورضا ما سمعَكْ
أو عمل حاله كان بعيدْ
وسعر كل شغلة غلي
والخسّة ما عادت لرضا
ولا إلك ولا إلي
والحديدة ياللي إمبارحْ كنّا عليها
وشو الجديدْ
ح تاخذنا بكرة ع الحديدْ
7
أنا يا زيادُ كافرْ
أعلنُها أمامَ غنائِكْ
أمامَ نقاطِ الحدودِ
وعندَ كلّ كلابِ المخافرْ
أنا كافرْ
بمنْ يصلّي بلا وضوءٍ ولا تقوى
يومَ الجمعة
وبمن يصلّي الأحد
ولا يعبدُ إلّا الدّولارْ
ولا يحفظُ سورةً
ولا إصحاحْ
إلّا لائحةَ الأسعارْ
ولا يقومُ اللّيلَ
ولا يقومُ الصّباحْ
ولا أحدٌ ولا صمدْ
يفلحونَ بنا كلَّ يومٍ بلا عددْ
الجوع مش كافرْ
المرض مش كافرْ
الذّلّ مش كافرْ
أنا كافرْ
لأنّي رضيتُ بكفرِ الكافرْ
منْ أتخمَنا بالجوعِ الكافرْ
وداوى جروحَنا بالمرضِ
وزيّنَ لنا الذّلَّ الفادحَ
ذاكَ الكافرْ
8
جميلٌ حرفُ الشّينْ
يبدو على صدورِ أولادِ الشّينِ
أوسمةً من ماسٍ ونياشينْ
ظنّونا قطيعَ دوابٍّ
أو عجّالًا منْ طرْشٍ
أبناءُ ملوكِ الشينْ
أولادُ كلِّ كلامِ الأغنيةِ
ياللي بتبدا بحرف الشّينْ
9
يا زيادْ
أيُّها الرّاحلُ الجميلْ
أيُّها الفنّانُ الخالدُ الأصيلْ
ما زالَ الفيلمُ الأمريكيُّ
طويلًا طويلْ
كليلِنا العربيِّ
طويلًا طويلًا طويلْ
10
يا زيادُ
تمرّدْ في موتِكَ
كما تمرّدْتَ في حياتِكَ
تمرّدْ
حتّى لا يظلَّ أيُّ إنسانٍ
منْ كرامتِهِ مجرّدْ
كيْ لا يظلَّ أيُّ مغنٍّ
عنْ غنائِهِ مجرّدْ
11
أجعلْتَ بفنِّكَ كلّّ هذا الضّجيجْ
أيُّها الرّائعُ المستفزُّ البهيجْ
في الحياةِ والمماتِ
أنتَ محترمٌ منْ سائرِ الجهاتِ
وتريد أنّ ترحلَ بلا وداعٍ
بلا جموعٍ
أوْ بلا ضجيجْ
12
ما راح أسأل
بعرف دينك
كثير بيشبه ديني
ديني ودينك شيوعي
بتقلّي مديون وعايف دينك
والحالة تعباني كثيرْ
يا ليلى حبّ مفيش
وعلينا الديْن صغيرْ
ديني ودينك شيوعي
وشو مع دين الدولة الكبيرْ
يلا نخلّي هذا الدين
منه الخلاص مشروعك
وهو ذاته مشروعي
حتّى نعمّر لبنان لبنة لبنة
ونعلّي سياجه
من ضلوعك وضلوعي
13
أعدُكَ يا عريسَ الزّينْ
يا نورَ العينيْن
إذا انقطعَتْ الميْ بهاليوميْن
لنْ نعطشَ لنْ نموتَ
راح نرجعْ نعبّي من العينْ
وإذا انقطعَ البنزينْ
سنقومُ ونمشي ع الإجريْن
حتّى نصلَ الهدفَ
ونشربَ منْ رأسِ العينْ
14
متَّ ولمّا نعرفْ
"بالنّسبة لبكرا شو"
ولكنّكَ تعرفُ
أنتَ تعرفُ
نفسُ الخازوقِ ياللي إمبارح حشوا
ما زالَ اليومَ أعمقَ محشيًّا فينا
وبكرة بدهن أعمق أعمق يحشوا
15
رحلتْ بأواخر تمّوزْ
وإنت من قبل السبعينْ
تركتْ عَ قمّة صنّينْ
أرزة لبنان وقامتها محنيّة
بتولول مع نوّار اللّوزْ
بزهراته المطفيّة
وتركت أمّك فيروزْ
بقمّة شباب التّسعينْ
قدّها بعده ميّاس وقامتها شلبيّة
بتبكي وعَ راسا منديل
بتبكي بدمعة خفيّة
كنت موسيقى وقنديل
وإلها النّسمة النّديّة
هبّت ساعة صبحيّة
وبتقلك كيفك إنتَ
اشتقتلك ارجع بكيرْ
هاي رجعت الشّتْويّة
16
يا منْ أنتَ ذاهبٌ إليهْ
اخلعْ نعليْكْ ثمَّ تأمَلْهُ
وسلّم لي عليهْ
أنتَ في وادٍ مقدّسٍ
وبوّس لي عينيهْ
قبّلْ ثرى الفنِّ العظيمِ
واهمسْ برقّةِ حبٍّ في أذنيهْ
أنّنا مشتاقونَ كثيرًا إليهْ