الأربعاء ١٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم أنس الحجار

قوافي الوجع

صَهيلُ الـروحِ يرتفـعُ
ويَكتُمُ صوتَـه الفـزَعُ
 
و أخشى أنْ أبوحَ بـهِ
وليس السطـرُ يَتّسِـعُ
 
ففي الأنفـاسِ آهـاتٌ
تُواصِلُنـي و تَنقَـطِـعُ
 
فينتفِضُ اليَـراعُ لهـا
و حِبرٌ راعَـهُ الهَلَـعُ
 
أريدُ مساحـةً أُخـرى
ليكتبَنـي بهـا الوَجَـعُ
 
***
 
غزلتُ الحُـبَّ للقمـرِ
بشِعـرٍ هـامَ بالسهَـرِ
 
و أعتقُ آهَـةً حَـرّى
فتأسرُ آهتي ضَجَـري
 
و أشكو هَجْـرَ فاتنتـي
تآمرَهـا مـعَ الـقَـدَرِ
 
فيدنو البـدرُ مُنكسِـراً
يحاولُ جَبْـرَ مُنكسِـرِ
 
يقولُ : عيونُ مَنْ تهوى
كعينِـكَ تَقتَفـي أثَـري
 
ألا يـا بـدرُ خَبّرْهـا
و إنْ لا ترتجي خَبَري
 
نَفاني العِشقُ مِن مُدُنـي
أضعتُ الحُبَّ في سفري
 
فلسـتُ الآنَ أعشقُهـا
و غادرَ لحنُها وتـري
 
أريدُ مساحـةً أخـرى
ليكتبَنـي بهـا خَبَـري
 
***
 
يئستُ و خانني الأمـلُ
وفَتْ بوعودِهـا العِلَـلُ
 
وفَقْرُ الحـالِ زودَنـي
غِنىً بالنفـسِ يَتصِـلُ
 
يدي تندسُّ فـي جَيبـي
و يُخرِجُها أسـىً ثَمِـلُ
 
كما دخلتْ علـى أمـلٍ
تُرى هل ينفعُ الأمـلُ ؟
 
و لكنْ ليـسَ ذا همّـي
فهـذا الفقـرُ يُحتَمَـلُ
 
أريدُ مساحـةً أخـرى
لتنزِفَ دمعَهـا المُقَـلُ
 
***
 
زماني ليـسَ يعرفُنـي
جميلُ الحَـظِّ أنكَرَنـي
 
و عانَقني الضياعُ على
تُخومِ اليأسِ و الشجَـنِ
 
فلا الأصحابُ أصحابٌ
ولا دمعي و لا كَفَنـي
 
أُناجـي نـورَ أفـئـدةٍ
و لكنْ ليـسَ تَسمعُنـي
 
كعصفورٍ يزقـزقُ فـو
قَ أكـوامٍ مِـنَ العَفَـنِ
 
غريبٌ أحتسي قـدَري
مِنَ الويلاتِ و المِحَـنِ
 
و جُرحُ الغَـدرِ قَرَّحَـهُ
لهيبُ الحقدِ مِن دَرَنـي
 
أليسَ الظلـمُ أن أحيـا
غريبَ الروحِ في وطني
 
سَأترُكُ نَزفَ مُغْتَرَبـي
فليسَ الجُـرحُ يؤلمنـي
 
أعودُ لجُـرحِ قافيتـي
و أوجــاعٍ تُعذّبُـنـي
 
***
 
بَكَتْ و الليـلُ يَستمـعُ
حروفي أيهـا الوَجَـعُ
 
أمازالَ الخَريفُ علـى
رُبا الأرواحِ يَضطجِعُ ؟
 
عروبتُنـا تُهَدْهِـدُ أمْـ
ـسَها والهَمْسُ يَنقطِـعُ
 
بَكَتْنا حيـنَ أضْحَكَنـا
غُرورُ النفسِ و الطمَـعُ
 
و نحيـا ذلَ فُرقتِـنـا
صنوفَ الإثـم نبتـدع
 
تضيقُ بنـا ضَمائرُنـا
و أفْـقُ الوَهـمِ يَتَّسِـعُ
 
فعذراً يا ثرى وطنـي
يُدَنِّسُ طُهـرَكَ القَـذَعُ
 
***
 
فلسطينـيـةٌ روحــي
و لكنْ ليـسَ تَنْخَـدِعُ
 
و لا دخلتْ لهـا فتـنٌ
ولا سَكَنَتْ بهـا البِـدَعُ
 
و لا نكأتْ جـراحَ أخٍ
و لا إيمانَـهـا تــدعُ
 
فكيفَ أقُـصُّ أجنحَتـي
و طيرُ الخوفِ يَرتَفِـعُ
 
تَرَكْتُـمْ قدسَكـم تبكـي
و قد أودى بها الجَـزَعُ
 
تَهُـزُّ النخـلَ مَريَمُنـا
ولا رطـبٌ لهـا يَقَـعُ
 
و إنْ عادَ المسيحُ لنـا
و جوهٌ سـوفَ تَمْتَقِـعُ
 
فشكراً يا بنـي وطنـي
بـأنْ أفناكُـمُ الجَشَـعُ
 
***
 
إلـى لبنـانَ مُرتَحَلـي
لها في القلـبِ مُتَّسَـعُ
 
و في بيـروتَ قافيتـي
سَباها الجوعُ و الشبَـعُ
 
تُبادِلُها الخُطوبُ أسـىً
و صَدْعُ الأمسِ يَنْصَدِعُ
 
و أهداها الزمانُ بلـىً
و فَتَّـتْ زِنْدَهـا شِيَـعُ
 
فما بالُ الرجـالِ بهـا
لحُكْمِ الغَربِ قد خَضَعوا
 
فلا الأفعـالُ تَجْمَعُهُـمْ
و لا الأقـوالُ تَجْتَمِـعُ
 
ولا القـرآنُ يُسمِعُهـمْ
و لا إنجيلَهـمْ سَمِعـوا
 
و ما لحُروفِهـمْ حِبْـرٌ
و ما للصوتِ مُسْتَمِـعُ
 
فيـا لبنـانُ مـعـذرةً
رجالُكَ للخنـا خَنَعـوا
 
و تحتَ ثـراكَ أبطـالٌ
جُـذورَ الحِقـدِ تَقْتَلِـعُ
 
و فوقَ الأرضِ أنـذالٌ
بُذورَ الغِلِّ كَمْ زَرَعـوا
 
***
 
عِـراقـيٌ تُبعثِـرُنـي
القَصيدةُ حيـنَ تَنْدَفِـعُ
 
وفي بَغـدادَ أنسِجَتـي
بَراها الحُـبُّ و الوَلَـعُ
 
و يبقـى سِرُّهـا أبـداً
ظلامـاً ليـس يَنقَشِـعٌ
 
فلا ( الحَجَّاجُ ) يَنفَعُهـا
و لا ( صدامُ ) يَنتَفِـعُ
 
و تمـلأُ أفْقَهـا فِـتَـنٌ
مـعَ الرايـاتِ تَرْتَفِـعُ
 
متى يستيقظـونَ بهـا
رِجالٌ بعد أنْ هَجَعـوا
 
وفِكرُ الكُفرِ يُقْـنِعُهُـمْ
بـأنَّ الظـلـمَ يُنْـتَزَعُ
 
عِراقِـيٌ و خَبَّـرَنـي
أبـي و الأذْنُ تَسْتَمِـعُ
 
خليـجُ النفـطِ بلوانـا
و فيـهِ يَكْمُـنُ الوَجَـعُ
 
ستبقى يا عـراقُ لنـا
رحيقاً رُغْمَ ما صَنَعـوا
 
و مِنكَ العِطرُ في دمِنـا
و فيكَ المَجـدُ مُقْتَنِـعُ
 
***
 
غَزلتُ الهَمَّ مِـنْ قلـمٍ
على الأوجـاعِ يطّلـعُ
 
فقلْ يا شِعرُ كيفَ العشقُ
و الأوطـانُ تَنْسَـفِـعُ
 
وكيفَ الحُـبُّ يشغلُنـا
و تمـلأ قلبنـا المتـعُ
 
و هـلْ للفَقـرِ مُتَّـكـأٌ
بـروحٍ هدَّهـا الفَـزَعُ
 
كَفاكُمْ يا بنـي وَطَنـي
ذَروا الأحقادَ و اسْتمعوا
 
إذا مـا الدهـرُ شَتَّتَنـا
بحُضـنِ الأمِّ نَجتَمِـعُ
 
فَهَـمُّ الأرضِ صَيَّرَنـا
طيوراً هَمُّهـا الشبَـعُ
 
طيـوراً دونَ أجنِحَـةٍ
(على أشكالِهـا تَقَـعُ )

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى