

عيد ورثاء
عيد الستين
قبل ذهابه إلى دمشق ليجري العمل الجراحي للقلب كتب هذه القصيدة وكان سينشرها بعد أن يشفيه الله عند بلوغه ستين عاماً بتاريخ:
16 / 10 / 2008
إلا أنه توفي في دمشق بعد العمل الجراحي بتاريخ:
5 / 10/ 2008
تودِعُ عشـرةً أخـرى سُنونـيوقد ولّى الشبـابُ فأدركونـيمضتْ بينَ الأحِبّةِ .. كيف تُنسىوزهـرُ رياضِهـا مـن ياسميـنِفؤادي ظلّ يشربُ من كـؤوسٍيعبّ الأنْسَ مـن عِنَـبٍ وتيـنِأعانِقُ بالـرؤى أحـلامَ طفـلٍوأنتظـرُ المخبـأ عـن عُيونـيقصائدُ كنـتُ أحياهـا بِوحـيٍوأبنـي فـوقَ قمتِهـا حُصونـيأعيشُ مع الملائـكِ فـي جِنـانٍبها ماشِئتُ مـن حُـورٍ و عيـنِلهـمْ بالـروحِ أفئـدةٌ تغـنّـيونورٌ فـي الملامِـحِ و الغُضـونِبهـمْ أزدادُ حسّـاً وانفـعـالاًإذا التقتِ الفنونُ مـعَ الفُنـونِتغوصُ قلوبُهمْ فـي عمـقِ بحـرٍوتعلـو بالسمـاءِ بـلا سفيـنِأحلّـقُ بالمشاعـرِ فـي سـمـاءٍأضمُّ بها النجـومَ .. وتحتوينـيفكمْ أطفأتُ مـن نـارٍ وشـوقٍوكمْ أظهرتُ مـن بـوحٍ دفيـنِشربتُ الكأسَ من خَمرٍ وحُـبٍّفلّذ ّالشعرُ فـي دنيـا المُجـونِوظلّـتْ نشوتـي تـزدادُ حتـىبلغتُ بأوجِهـا حَـدّ الظنـونِتَكلّمَ كلّ ذي حِـسٍّ رخيـصٍوقـال بأنّنـي خالفـتُ دينـيوأنّ ضلالتـي أودعـتُ فيهـافؤاداً ظلّ يعبـثُ فـي جُنـونِيُمـارسُ مايشـاءُ ولا يبـالـيويمـضـي دونَ زادٍ أو معـيـنِأنـا والنـاسُ فـي كـرٍّ وفـرٍّأقاومُ ما استطعتُ بـلا رُكـونِأقولُ الشعرَ ... أشرحُ ما أعانـيوليـسَ بجعبتـي غيـر الأنيـنِلعمري قد كشفتُ بهـا نُفوسـاًوقلتُ لها كمـا تبغيـنَ كونـيكؤوسُ الحُبّ دوماً حينَ تصفـولهـا ولغيرهـا كـأسُ المنـونُتُحبّ من الحيـاةِ بلـوغَ شـأوٍوتنسى الخَلقَ مـن مـاءٍ مهيـنِنفوسٌ بالهـوى اتخـذتْ شعـاراًوظنّتْ نفسهـا فـوقَ الظنـونِلأجلي فلْتَمُـتْ كـلُّ البرايـاومـا يحلـو الـيّ بـهِ دعونـيوزادَ غرورَهـا زهـوٌ وكِـبـرٌبما حَوَيـاهُ مـن خُبـثٍ لَعيـنِاذا وقفتْ وراءَ الشيـخِ أبـدتْخُشـوعَ منافِـقٍ أو مُستهيـنِتُصلّـي والصـلاةُ لهـا لبـاسٌيُخبـئ ماتكُـنُّ مـن الأفـونِكأنّ الدينَ يستُـرُ كـلَّ عيـبٍويخفي عـورةً خلـفَ الجبيـنِتُمثـلُ صـورةَ التقـوى ريـاءًوتفعلُ كـلَّ سـوءٍ أو مُشيـنِفكمْ في دينِهـا اقترفـتْ ذنوبـاًوكمْ بسلوكِها انحرفـتْ لـدونِولا الإسلامُ كان كمـا ادّعتـهُولكنْ جـاءَ مـن نـورٍ مبيـنِأترضى الناسُ مـا يبـدو لعيـنٍويقبـلُ ذاكَ ذو عقـلٍ رزيـنِومن شَرِّ البليّـةِ كيـف أنجـووقد عاصرتُ جيلاً مـن هَجيـنِفلا عيـشٌ يطيـبُ ولا حيـاةٌإذا ما الخيرُ غابَ عـنِ العيـونِطريـقُ الـذلِّ منفعـةٌ لـقـومٍاذا صـارَ المثقّـفُ كالسجيـنِومن يرثي لحالـي إنْ أتانـا ....زمـانٌ قـالَ بالقهـرِ اتبعونـيصروحُ حضارتي سقطتْ وعمّـايـؤولُ مصيرُهـا لاتسألـونـيزرعتُ بدايتي فـي حقـلِ خيـرٍفأحسنتُ النهايةَ مـن شُؤونـيفأرشدنـي و هذّبنـي فــلاحٌوقد رافقتُ أصحـابَ اليميـنِكأنّي قد جُبلـتُ علـى وفـاءٍرفضت بفطرتي طبـعَ الخـؤونِفكنتُ مع النحيلِ بـلا جِـدالٍوسِرتُ بنهجِـهِ ضـدّ البديـنِليَ اللذّاتُ تخضـعُ دونَ عنـفٍوتعلو فـوقَ هامتِهـا غُصونـيهيَ الثمراتُ أقطفهـا وأمضـيولو بالنأيِ جـازتْ أرضَ صيـنِفكمْ غيّرتُ طقساً بعـدَ طقـسٍوكمْ عايشتُ من عُسـرٍ وليـنِقديماً كـانَ يسعفُنـي شبـابٌيُولّـدُ ثـروةً عنـدَ الفطـيـنِزمانٌ شذّ عـنْ خُلُـقٍ وخَلْـقٍبهِ امتزجَ الرخيصُ مـع الثميـنِتزيّنُـهُ الصبـايـا فــي دلالٍوتُظهـرُ مـا تشـاءُ بـلا أُذونِبهِ كيـدٌ ومكـرٌ مـن نسـاءٍومنْ سُمِّ الأفاعي كـمْ سَقونـيتُشيربهـا الغرائـزُ دونَ قــولٍكبائعةِ الهوى .. مـنْ يشترينـيتَمنّتْ فاستجـابَ لهـا زمـانٌفكيفَ تحيـدُ عنـهُ وتصطفينـيفـلا الآبـاءُ تعـرفُ مادهاهـاومنْ يخطو إلى الـدربِ المُشيـنِولا خوفُ النساءِ علـى عفـافٍأثارَ مكامِنَ الشـرفِ المَصـونِخَضعتُ لأمرِهـا مَـدّاً وجَـزراًكمـا يحلـو لهـا أو تشتهينـيوبحـرُ المغريـاتِ بهـا مُحيـطٌوما ترجو أتاهـا فـي صُحـونِفلمْ أظفـرْ بمـا تحلـو حيـاةٌولا مَعَهـا اتفقـتُ فأنقذونـيهي اتجهتْ وسارتْ فـي طريـقٍعواقبَهـا الوخيمـةَ جنّبـونـيقضيتُ العمرَ أبحثُ عـن تُـراثٍفَحَـقَّ بشرعِهـا أنْ تزْدَريـنـيشبـابٌ بالحيـاةِ لـهُ حقـوقٌوماقَصّـرْتُ .. لكـنْ أبعدونـيفقدْ جُزتُ الكهولـةَ يالتعَسـيوحوّلنـي الزمـانُ إلـى وهيـنِفلا حربٌ تُشب مـع الصبايـاولا قولٌ يُهـاب مـع الخديـنِأُحلتُ إلى التقاعُـدِ بعـدَ عمـرٍوصِرتُ معَ التقـادمِ كالعجيـنِكذوبٌ إن رسمتُ الحـبَّ شعـراًأصـوّرُ مابقلبـي مـن حنيـنٍفـلا عيـنٌ تصـدّقُ إنْ رأتنـيولا سمـعٌ ينـوبُ عـن اليقيـنِأظلّ كما تـروقُ لهـمْ طِبـاعٌإنِ اعترفـوا بحُبّـي أو جَفونـيجَمَلتُ رسالتي ومشيـتُ دربـاًبِـوادٍ غيـرِ ذي زَرعٍ وطـيـنِشِعارُ مسيرتـي حُـبٌّ وطيـبٌيُؤكّدُ كمْ صَبرتُ على حزونـيفأنسى ماحلمـتُ بـهِ وأرضـىكما تبدو الوقائـعُ بعـدَ حيـنِهي الأعوامُ تمضي فـي خُطاهـامُكسّـرةَ الجوانِـحِ والجُفـونِمَضَتْ سُتونَ عامـاً دونَ وعْـيٍأُسائلُ كيـفَ مـرّتْ ذكّرونـيبها النسيانُ خفّفَ مـن عذابـيوقـالَ لمـنْ تذكّـرَ سامحونـيفكمْ هبّتْ نسائـمُ مـن بعيـدٍوكمْ جلبتْ الينا مـنْ شجـونِأروحُ وأغتدي والقلـبُ يحكـيويشـرحُ بالهـوى مايعتريـنـيسيبقـى ظاهـراً وتـراهُ عيـنٌفما احتجبَ الشمالُ عنِ اليميـنِأرى دنيا مِـنَ الأحـلامِ تنـأىهناكَ .... الى شواطئها خُذونـيبها ستـونَ عامـاً قـدْ توَلّـتْأتُكمِلُ عشرةً أخـرى سُنونـي؟اذا حَمَّ القضاءُ وغـابَ نجمـيوماتَ الشوقُ في القلبِ الحزيـنِأو ائتلقَ الهوى فـي ليـلِ أنـسٍوكانـتْ سيرتـي لاتظلمـونـيزمانٌ عشتُ فيـهِ بـلا جنـاحٍأُخبـئُ مايطيـبُ فأنصفـونـيفلا تصغوا لغيري فـي حديـثٍدعوا ماقيلَ فـيّ ... وصَدّقونـيحَكَتْ لهُمُ البدايةُ طُهْرَ قلبٍ .....ولكنْ في النهايـةِ ... أنكرونـيلمنْ شـاءَ الحقيقـةَ فـي بيـانٍتركتُ قصائدي كـي تعرفونـي
شعر - وليد الحجار
فما كان مني إلا أن أرثيه بقصيدة تلظت حزناً والتهبت أنيناً فقلت:
القنديل الحزين
أتاني الوحيُ .. أمّي .. دَثرينـيوفوقَ لهيبِ أشعـاري دعينـيفَمَنْ أبكيـهِ لا يُرثـى بشِعـرٍولا بـالآهِ والدمـعِ الهَتـونِولكـنْ خلـفَ قافيتـي بُكـاءٌيُرتّلُـهُ الأنيـنُ بحـرفِ نـونِدعينـي اليـومَ ياأمـاهُ أبكـيوكونـي دونَ قافيتـي ودونـيتَرَجّلَ عنْ حصانِ العُمرِ يمضـيوخَبّأ حُزنَـهُ خلـفَ الجَبيـنِأضاءَ لنا سِـراجَ الشّعـرِ حُبـاًووَدَّعَنـا بقنديـلٍ حَـزيـنِوخَلَّفَني كحَـرفٍ لسـتُ أدريأَحَرَّكنـي بكَسـرٍ أمْ سُكـونِأتاكِ دمشقُ يرجو بُـرءَ قلـبٍوما اعتلَّ الفؤادُ مدى السنيـنِفهلْ عانَقْتِـهِ و ذَرَفْـتِ دمعـاًليكشفَ عن لظى الحُزن الدفيـنِأتى يُلقي إلـى بـردى سلامـاًمن العاصي وفيضاً مـن حنيـنِأتـاكِ رسـولَ حُـبٍّ دونَ آيٍفَصَدَّقـتِ الرسالـةَ باليقـيـنِكـأنَّ اللهَ أخـبـرَهُ بـمـوتٍليعطي العشـقَ بالعـدلِ المبيـنِفأهدى روحَهُ لدمشـقَ زُلفـىوقـالَ إلـى حمـاةَ فشيِّعونـيرأيتُ الفجرَ يحبـو نحـو يـومٍدقائقُـهُ يَغُـصُّ بهـا أنيـنـيوصدرُالليلِ أثخَنَ فـي عِناقـيوبعثـرَ لونَـهُ فـوقَ الجُفـونِويَزرعُني ظـلامُ الليـلِ دِفلـىو ترتشِفُ الوسادةُ مـن عيونـيومـاذا يـا أبـي إنْ ساءلتْنـينواعيـرُ المدينـةِ عـن معيـنِوما قولي إذا العاصـي تلظّـىإليكَ بشوقِهِ فـي كـلّ حيـنِومن يُعطي (وليدَ ) نقودَ عيـدٍومن يكسو ( خزامى ) بالحنينِومن سيُبعثرُ الشكوى إذا مـاأتتْ ( كُلثومُ ) تشكو منْ شُجونِِحَمَلتُ حقائقَ الساعاتِ قسـراًوصارحتُ الحقيقـةَ بالظنـونِفمثلُكَ لن يمـوتَ لـهُ كـلامٌسيبقى خالداً خلـفَ السنيـنِيؤرقُ من تخـاذلَ عـن كفـاحٍويبدي سـوءَة الجيـلِ الأفـونِستبقى سابحاً فـي بحـرِ طيـبٍوتحيـا فـي ريـاضِ الياسميـنِإذا سألَ الزمانُ عليـك يومـاًولاح الفجرُ يسأل عن فُتـونِوجاسَ الليلُ في كـلّ الزوايـايسائلُ عنكَ أشكـالَ الفنـونِسأخبرُهُمْ بأنّكَ قُلـتَ يومـاً:" تركتُ قصائدي كي تعرفوني"
وليد وخزامى وكلثوم أحفاد الشاعر وليد الحجار رحمه الله
شعر - أنس الحجار
عيد الستين