

تركتُ قلبي للعصافير
لعلّي أصبح
أكثرَ واقعية،
أكثرَ صلابة،
أكثرَ صمتًا
لعلّي أفرشُ مساحاتٍ أوسعَ لأكونَني،
أقلَّ هشاشة،
أقلَّ غضبًا،
أقلَّ ألمًا
لعلّي أعتادُ
على تركِ فنجانِ قهوتي المسائي،
على تركِ وردةٍ مع أشواكِها على دفتري،
على الاحتفاظِ بابتسامةِ طفلٍ في وجعي
قد أُغادر
كلَّ ما قد أحببتُه سابقًا،
كلَّ ما قد اقتنيتُه حالًا،
كلَّ ما قد لا أُريده.
هذا ما أُسمّيه
الحياةَ وسطَ الضجيج،
قوّةَ النضجِ في أوصالي،
إرادتي وقراري
إيّاك...
أن تُصدّقَ امرأةً غاضبة،
أن تتركَ ابتسامتها معلّقة،
أن تُصدّقَ حماقاتِك معها
أما بعد..
لم يعُد في العمرِ مكانٌ لأحزاني،
لم يعُد رأيُك يُهمّني،
لم تستيقظْ أُمنياتي بعدك
سأكتب..
لأني أُتقن النومَ بين جفونك،
لأني أُتقن الهذيانَ بين النجوم،
لأني أُتقن كوني "أنا"... كما أنا
ستُلاحقك..
لعنةُ حروفي،
ذكرياتي المعلّقة،
تقديري لذاتي
أما عمّا كان
الاستغناءُ عن ذاكرتي،
النسيانُ ضالّتي،
الهجرانُ بوصلتي
ستتركُ العصافيرُ قلبي كما هو،
ليستنشقَ الحياةَ برشاقةِ عاشقٍ
تركَ حكاياتِه المعلّقة على أطرافِ الليل
\\\\\\\\\\
أَيُّهَا الْعِيدُ
أَيُّهَا الْعِيدُ
تَعَالَ إِلَيَّ
كَابْتِسَامَةِ طِفْلٍ
يَخْطُو خُطُوَاتِهِ الْأُولَى
يَسْقُطُ تَارَةً
يَقِفُ بُرْهَةً
يَنْظُرُ خَلْفًا مُتَوَجِّسًا
إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَيُّهَا
الْعِيدُ السَّعِيدُ
أَنْ تَنْظُرَ
خَلْفَكَ!
أَوْ
تَتْرُكَ حَظَّكَ!
أَيُّهَا الْعِيدُ إِيَّاكَ
أَنْ تَتَقَمَّصَ الْفَرَحَ
كَحَلْيَةٍ مُزَيَّفَةٍ!
إِيَّاكَ
أَنْ تُبَعْثِرَ الْأُمْنِيَاتِ
كَأَوْرَاقِ الْخَرِيفِ الْمُتَنَاثِرَةِ!
أَوْ تَقْتَنِصَ
خَيْبَاتِ الْأَمَلِ
لِتَجِدَ طَرِيقَكَ
إِلَيْهَا
تَلُوحُ بِنَا
أُرْجُوحَةُ الزَّمَنِ
تَارَةً نَحْوَ الْأُفُقِ
تَارَةً أُخْرَى
إِلَى حَيْثُ اللَّا شَيْءَ
الآنَ عَلَى وَقْعِ خُطُوَاتِ الْوَقْتِ
تَرَجَّلَ رَفِيقُكَ الْفَائِتُ
لَاهِثًا
مُغَادِرًا
كَلِصٍّ هَارِبٍ
مِنْ ذُنُوبِهِ
بَقِيَ ظِلُّهُ
تَحْتَ وَهْجِ
الْمَصَابِيحِ الْمُضِيئَةِ
كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
مَا زِلْتُ
أَذْكُرُ لَحْظَةَ مِيلَادِهِ
الَّتِي انْطَفَأَتْ
بَعْدَ أَوَّلِ انْكِسَارٍ لِلْفُصُولِ
عَلَى جَبِينِ الْحَكَايَاتِ؛
حَيْثُ تَرَكَ كُلَّ الْأُمْنِيَاتِ
فِي جُعْبَةِ الْمَجْهُولِ
أَيُّهَا الْعِيدُ
إِيَّاكَ إِيَّاكَ
أَنْ تَتَقَمَّصَ خُذْلَانَهُ
أَوْ أَنْ تَعْتَنِقَ هُرُوبَهُ اللَّعِينِ!
أَيُّهَا الْعِيدُ
مُدَّ يَدَكَ إِلَيْنَا
بِالْفَرَحِ
مَا أَحْوَجَنَا إِلَيْكَ وَإِلَيْهِ!
أُقَدِّمُ قَلْبِي
إِلَيْكَ هَدِيَّةً
لَعَلَّكَ تُتْقِنُ عِنَاقَهُ
مِنْ جَدِيدٍ
لَعَلِّي أَجِدُ ضَالَّتِي
بَيْنَ ضُلُوعِكَ
قَبْلَ قُدُومِكَ
الْتَقَطْتُ أَطْرَافَ
رَغَبَاتِي الْمُعَلَّقَةَ
عَلَى سَطْحِ الْفَرَجِ
هُنَاكَ حَيْثُ بُحَّ صَوْتِي
وَأَنَا أَشْدُو
نَحْوَ الْجُمُوحِ
إِيَّاكَ أَيُّهَا الْعِيدُ
لَا تَحْضُرْ
لَنَا غُيُومًا
تَنْهَمِرْ عَلَيْنَا شَلَّالًا
مِنْ نُجُومٍ تَتَدَلَّى
كَأَكْوَازِ الصَّنَوْبَرِ
فَوْقَ رُؤُوسِ الْفُقَرَاءِ،
تَحْتَ أَعْنَاقِ الْأَغْنِيَاءِ
أَيُّهَا الْعِيدُ
أَمْطِرْ عَلَيْنَا
حُبًّا،
سَلَامًا
لِتَغْفُوَ جُفُونُنَا كَنَاسِكٍ
لَا يُتْقِنُ الصَّلَاةَ
إِلَّا أَمَامَ مِحْرَابِ الْأَلَمِ
وَالْأَمَلِ
أَيُّهَا الْعِيدُ، دَعْنَا نَطْوِي
عَلَى أَعْتَابِ الْهَمْسِ
وَجَعًا، قَلَقًا
لَا تَنْتَظِرِ الْمَحَطَّةَ الْأَخِيرَةَ
لَا تَهْرُبْ
أَقِفُ مَذْهُولَةً
مِنْ هَوْلِ الْمَشْهَدِ
ضَرَبَاتُ الدَّقَائِقِ تَعْدُو
نَحْوَنَا كَهَسِيسِ النَّدَى
يُعْلِنُ عَهْدًا جَدِيدًا
تَحْتَ الْمُخَاضِ
لَعَلَّهُ مَا زَالَ يَحْبُو
تَحْتَ زَخَّاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ
مِنَ الْأُمْنِيَاتِ،
يُحَدِّقُ بِهَا وَجِلًا
مُتَرَبِّصًا
أَيُّهَا الْعِيدُ
أَرْجُوكَ أَنْ تَلْتَقِطَهَا
كُنْ عَلَى الْعَهْدِ
حَتَّى تَرْوِيضِ الْحُلْمِ الْقَادِمِ
\\\\\\\\\\\\\
دَعْ قَلْبَكَ يُحَاوِرْنِي
لَا تَمْحُ مَحَبَّتِي
دَعْ قَلْبَكَ يُحَاوِرْنِي
لِإِيقَاعِ الْقَلْبِ حِوَارٌ
مِنْ نَوْعٍ آخَرَ
كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ
تَرْوِي الظَّمَأَ
كَثَمَرَةٍ مُحَرَّمَةٍ
تُبَلِّلُ الْقَلْبَ بِالْمَطَرِ
طَالَ الِانْتِظَارُ
يَهْبِطُ قَلْبِي فِي الْحُضُورِ
تَتَزَاحَمُ الْمَشَاعِرُ فِي الرُّوحِ
لَا تَقْرَأْ أَفْكَارِي
دَعْ قَلْبَكَ يُحَاوِرْنِي
أَرْسُمُ مَشَاعِرِي
لَا تَمْحُ مَحَبَّتِي
الْبَاقِيَةَ
فِي النَّبْضِ الْأَزَلِيِّ
///////////
تَحْتَ سِتَارِ اللَّيْلِ
تَحْتَ سِتَارِ اللَّيْلِ
اِقْتَرِبِي حَيْثُ لَا بَشَرَ
وَلَا قَمَرَ إِلَّا أَنْتِ
تَنَامِينَ فِي قَلْبِي
مِثْلَ طَيْفٍ مُسَافِرٍ
فِي هَمَسَاتِ الِاشْتِيَاقِ يَبْقَى
صَدَى صَوْتِكِ وَالنُّجُومُ
وَظِلُّ شَمْعَةٍ يَخْفُتُ
مَعَ نُورِ عَيْنَيْكِ
تَاهَتْ رُوحِي دُونَكِ
اِقْتَرِبِي
تَحْتَ سِتَارِ اللَّيْلِ
\\\\\\\\
مَاتَ أَبِي
قَبْلَ وِلَادَةِ غُصَّتِي
فَارَقَ الْعَمَى الْمُعْلَنَ
كُلَّ الْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ
تَحْتَ مِقْصَلَةِ الرَّقْصِ
عَلَى أَشْلَاءِ الْوَجَعِ
مَاتَ أَبِي
تَحْتَ خَطِّ التَّوْقِيتِ الْمُنَاسِبِ
لِلْأَلَمِ
غَادَرَ تَوَهَانُ الْخَوْفِ عُرُوقِي
تَارِكًا لِي
فَجْوَةً عَقِيمَةً
ثَائِرَةً عَلَى كُلِّ الْحُدُودِ
الْمُتَنَاثِرَةِ مَعَ الْهَسِيسِ
مَاتَ أَبِي
وَمَا زَالَتْ
أُمُّنَا الْأَرْضُ
تَنْفُثُ غُيُومَهَا السُّودَ
بَاكِيَةً مَعَ الشِّرَاعِ الْمُهَاجِرِ
إِلَى حَيْثُ، حَيْثُ لَا هُوَ
وَلَا أَنَا.
مَاتَ أَبِي
اعْتَزَلَ أَفْكَارَ الْعَالَمِ
الْبَالِيَةِ
انْفَصَلَ عَنْ بُقَاعِ الْكَوْنِ
...الصَّامِتِ
تَخَلَّى عَنْ أَنْفَاسِ الْقَهْرِ
عَلَى أَمَلٍ
يَشْدُو إِيقَاعًا كَوْنِيًّا
لَا يَلِيقُ إِلَّا بِهِ
هَنِيئًا لَكَ
يَا أَبِي
بِمَا أَنَّكَ هُنَاكَ
لَمْ أَعُدْ حَزِينَةً
لِمَوْتِكَ
لَنْ أُرَدِّدَ
مَاتَ أَبِي،
أَفَلَ أَبِي
إِلَى حَيْثُ لَا وَجَعٌ وَلَا بُؤْسٌ
وَلَا أَنِينٌ
//////////////////
دَوَرَان
تَكَادُ تَتَجَمَّدُ،
كُلُّ الْأَشْيَاءِ حَوْلِي
فِي حَرَكَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ
مِنَ الدَّوَرَانِ؛
قَهْقَهَةُ النَّوَافِذِ،
ابْتِسَامَةُ الْخَزَائِنِ،
حَتَّى الْأَضْوَاءُ
تَرْقُصُ مَعَ السَّتَائِرِ.
هَاتِفِي النَّقَّالُ يَثْرْثِرُ
!أَمَّا أَنَا، فِي حَالَةِ صَمْتٍ
سُكُونٍ أَجْوَفَ
يَحْتَلُّ الْمَكَانَ.
نَبْضِي الصَّاخِبُ
حَرَكَتُهُ لَمْ أَعْهَدْهَا
مِنْ قَبْلُ.
هُدْنَةُ الرُّوحِ مَعَ أَنَامِلِي
الَّتِي بِالْكَادِ تُغْنِي
أَدُورُ حَوْلَ ذَاتِي
مُنْتَشِيَةً بِانْتِصَارِ الْوَقْتِ
عَلَى الِانْتِظَارِ
...أَتْرُكُ كُلَّ الْأَشْيَاءِ دُونِي