التحديقُ من شبّاكِ الشيخوخةِ
بالغصّاتِ وضوءُ الشمسِ الغاربُ
معكوسٌ في قدحي الفارغ ِ
والذكرى المرّةُ
تعتصرُ الدمعَ الساخنَ 
من أعماقِ العينْ !
بالغصّاتِ أودّعُ آخرَ أيّامِ الصيفِ
وأستقبلُ كلَّ خريفِ الصبرِ
بعينيّ الدامعتينْ !
وأقولُ لنفسي الأسيانةِ
 يا نفسي !..
يا حقلَ حفيفٍ مملوءٍ بالريحِ
لماذا نترقرقُ بالدمعِ 
على مرآى البحرِ غريبينْ ؟
ولقلبي المتألّم يا قلبُ
لماذا نتدفّقُ في إيقاعِ الريحِ
ونحيا أغراباً و وحيدينْ ؟
ماءُ المغربِ يرقدُ في الأكوابِ الليليّةِ
كالخمرِ الباردِ
وشجيراتُ الشوكِ الكهلةُ 
تترعني بدموعِ العطشِ المعصورةِ 
من مقلِ الظمآنينْ !
وأنا الباكي ما ضاعَ من العمرِ 
على مجرى الجدولِ كلَّ وداعٍ 
والمنشدُ أغنيةَ المغلوبِ على طولِ الشاطىء ِ
كلَّ حنين ْ !
لا غسلت غيماتُ البحرِ دموعي بالملحِ
ولا خاطتْ ريحُ الشتويّةِ 
بالأشجانِ جراحي 
آهٍ يا شتواتِ الطينْ !
تتساقطُ أوراقُ الحورِ 
فتشعرني بشتاءاتِ الغربةِ والبردِ...
تهبُّ الريحُ فترتعشُ الأرواحُ
المهجورةُ في الأشجارِ ...
ينامُ العصفورُ وحيداً في العشِّ
فيشعرني  بالدنيا المخلوقةِ 
من يأسِ الناسِ المنسيينْ !
سكنتْ رنّاتُ الأغنيةِ  المجروحةِ
وتلاشى تغريدُ جداولها  النهريّةِ 
فاسمعْ نبراتِ رثاءٍ  
تتحطّمُ بالنعي على حجرِ الحزنِ
وتنقلها الريحُ إلى كلِّ حزينْ !
آهٍ مما يجعلُ قلبَ العاشقِ يبكي 
آهٍ من رقراقِ دموعِ العينْ !
البحرُ يغط ُّعميقاً 
 في أحلامِ الأفقِ الغامضِ
 والعشُّ الفارغُ من كلِّ الأجنحةِ الورديّةِ 
يفرغُ من كلِّ عصافيرِ التينْ !
يا عشُّ لماذا تذروكَ الريح ُ على الأبوابِ
وشباكُ الشيخوخة ِ يرنو لرحيلِ النائيينْ ؟ 
ولماذا تصمتُ يابحرُ 
وصمتكَ يا بحرُ حزينْ ؟
طالب همّاش
سورية - حمص
