ما العمرُ يا خِلّي بدونِ عناءِ
أوفرحةٍ ترجى بدونِ رخاءِ؟
ما العمرُ إن عجز الفؤادُ عن الكلا
مِ وصارَ دونَ منازلِ البُلَغاءِ؟
قد جئْتُ أنْحَتُ في البديعِ روايتي
وأصوغُ من لغتي سنا أهوائي
ومن الجراحِ أحيكُ كلَّ مواجعٍ
جبِلتْ من الآلامِ والأخطاءِ
أدمنتُ شعري والقوافي عنوةً
حتى غدى لي أجودَ الآلاءِ
أدمنتُهُ كالـ"هيروين" مغفّلاً
ووهبتهُ نفسي لهُ ووفائي
وجرى دماءً في الوريدِ مسيطراً
وطغى له حبي على نُدَمائي
جالستُهُ سنواتِ عمرٍ ما انْتَهَتْ
ظلَّتْ عُضالاً في زمانِ الداءِ
طالتْ مكوثاً بل وعاثتْ آفةً
في النفسِ لا تُشفى بأيِّ دواءِ
ومَضَتْ سحاقاً في المآسي قبلما
ولدَتْ قصائدها بلا أسماءِ
والآن صارَتْ كالشذى بحنوِّهِ
منشورةً في معظَمِ الأرجاءِ
زادتْ على الدنيا جمالاً ناطقاً
بالحبِّ والإلهامِ والأنواءِ
فياضةٌ بعطائها وجمالها
رضيتْ بأن تحيا على أحشائي
تغتالني في كل لحظةِ نطقِها
وتزيدُ فيها كربتي وبلائي
يا معشرَ الشعراءَ إني شاعرٌ
شهدتْ له الكلماتُ بالعلياءِ
وبلاغتي وفصاحتي هي عملتي
لا العمرُ مقياسٌ لدى الشعراءِ
آخيْتُ بينَ مشاعري وحنيفتي
فنَمَت بها الذكرى على أشلائي
ونقشتُ من كلِمي قصيداً ساحراً
سجّلتُهُ فخراً على أعدائي
وعلا على كلِّ الرؤوسِ مبجّلاً
ومكلّلاً بالنورِ والإيحاءِ
وأردْتُهُ لحبيبتي كهديةٍ
فلربَّما فرحتْ به "حَوَّائي"