الجمعة ١٤ آذار (مارس) ٢٠٢٥
بقلم مفلح طبعوني

يبعث مالك بن الريب إلى وادي النار

تبدّلت الألوانُ الفراشاتِ
بلونِ العسلِ وظلالِ النحلِ
بُعثَ مالكُ بنُ الريبِ
منْ وادي الغضا
إلى وادي النارِ
اقتحم السبيلَ
وغابتِ الغيومُ عنْ مرابعِ الجليلِ
كانتْ مراياهُ انكساراتٍ
تثرثرُ كلوحةٍ بلا أبعادٍ
سقطَ النهارُ عن غروبهِ
فغابتِ الرتابةُ لتبحثَ عن كفنٍ
وتعودُ إلى الصفوفِ الأماميّةِ
يحملُها المشيّعونَ على رؤوسِ الأصابعِ
ينظّفون أنفسّهمْ وخلاياهمْ
تتواصلُ شهاداتٌ معَ الموتِ
ويبقى على بوّابةٍ سجينةٍ
بعضُ الجوعى
بعدَ تفرّقِ المشيّعينَ
قليلاً منَ الكروشِ الشائبةِ
أحرفُ الأبجديّةِ قاتلةٌ
يجرفُها القتلةُ المنافقونَ
أحرفُ الأبجديّة النقية
لا تنامُ
تتواصلُ عتمتُها مع شمسِها
تأخذُها تلقائيّتُها
إلى التنويرِ والانفراجِ
إلى فضاءِ الانطلاقِ
سينقلون الصحراءَ بعصيِّهم
إلى البحرِ
وينقلونَ بعدَها البشرَ
يسيرونَ على الماءِ
يشربونَ عصيرَ النفطِ
ويرقصونَ على الموجِ
معْ حيتانِ الغضبِ
يركبونَ أشجارَ السفرِ
ويلوكونَ أزهارَ النجومِ معَ القمرِ
وتغرقُ في حوّاماتِهمْ
غيومُ المطرِ
يطاردونّ غزلانَ البراري
بقاذفاتٍ شبهِ ذريّةٍ
يعودونَ إلى قواعدِهمْ سالمينَ
يصلونَ ببواريدِهمْ مرتاحينَ
ولهمْ فيها مأربُ التدميرِ
ينامونَ راكينَ
وفي أحسنِ الأحوالِ واقفينَ
السطوحُ مزروعةٌ بالقنّاصةِ
الصغارُ يلعبونَ الكرةَ
على الأرضِ
يتمرّغُ الدمُ برصاصِ السطوحِ
ويركضُ بعضَ الصغارِ
وراءَ كرةٍ ممزّقةٍ
الشبابيكُ التي أُغلقتْ فُجّرتْ
والأبوابّ التي أُغلقتْ فُجّرتْ
والعقولُ التي طلّتْ على الزهرِ فُجّرتْ
ولمْ يبقَ على ساحةِ الملعبِ
إلّا أطرافٌ بُعثرتْ
وكرةٌ ممزّقةٌ دُفنتْ
تئنُّ الحاملاتُ
كأنينِ الصفيحِ
ينامُ الأطفالُ على ركبِ الحجارةِ
فينزلقُ الحُلمُ منَ الصقيعِ
نحوَ دفءٍ متوهّمٍ
يتجاوبُ الارتجافُ معَ الانفعالِ
تفارقُ رائحةُ البذاءةِ
دموعَ العذارى الفاتناتِ
النائماتِ بلا خيالٍ
نشرَ العروبةَ على حبلِ غسيلٍ
نشروها معَ الضميرِ
شيخُ العربِ
يشربُ قهوتَهُ معْ ضيفِهِ
بلا هيلٍ
لأنّ ضيفَهُ يكرهُ هيلَ العربِ
ونسلَ العربِ
شيخٌ كريمٌ حتّى الشبقِ
يغازلُ الخنوعَ ويركبُ الغضبَ
شيخُ العربِ
زوجاتُهُ حملاتُ الحطبِ
وحرّاسُهُ أصابَهمْ داءُ الكلَبِ

مالكُ بنُ الريبِ
يسقطُ مسيّرةً فوقَ وادي النارِ
تهاجمُ الأطفالَ
بقوسِهِ النشّابِ
يعودُ إلى وادي الغضا مالكُ بنُ الريبٍ
يعانقُ النادباتِ
وينداحُ دمعُ الحزيناتِ
إلى بحرِ الدماءِ النازفاتِ
تتمازجُ جبالُ الجليلِ معَ الكرملِ
معْ جبلِ النارِ
ويافا تحلمُ بالبرتقالِ
المسافرُ منْ مينائِها
إلى الأبعادِ
وتركبُ حيفا أحلامَها
وعكّا لا تنامُ
يطيرُ الغيابُ إلى الرجوعِ
يحطّ فوقَ موجِ أريحا
تسقطُ نجومُ النهارِ
في الربعِ الخالي
تلوكُها الرمالُ
سنعيدُ ذاتَ الصواري
في البحرِ الأحمرِ الغضبانِ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى