رجفات الفراق

يتموجُ البحرُ ضدَ الراسياتِ
والتماسيحُ تذرفُ أحقادَها
تباركُهُ الطيور العائدة
توجعُهُ حاملاتُ الحيتانِ

الكرملُ لا يساوم ولا أشجاره
والجليلُ لا يساوم ولا أمطاره
الروحة تبقى على حالها حتى انبلاجِها
كنجوم الجرمق الجائرات …
من دونِ لونِ
دخل عليها الشحوب
ونقرت الغربان أوجاعَه
يطاردُهُ حنين الهيام
وتبقى الشطوطُ بدون مركباتِها
تسقطُ الخيام على أنفسها
ينفصل الملح عن الهيجان
فينقبض الوهجُ …
نهضَ من النوم مع الحلم
فأخذته التراكماتُ إلى الزوال
انفجرتْ عيونُ المحال
التهبَ حنينُ فواكِهِ الغارقاتِ
انتصبَ العبثُ
بين النيلِ والقنالْ
سيعود إلى رحمها
طاهراً من همساتِ الفسادِ
يستفزه رصاص السقوف
فيضرب حجر
تستفزهُ عربداتُ الجنودِ
فيضرب حجر
يستفزهُ جدار الصمت
فيضرب حجر
تنكسرُ أشعّاتُ الشمسِ
يتلقّفها نبضُ الأوهامِ
إنهّا زهرة في الفضاءِ
ويبثها في مرج الفراغ
تتعمشقُ أطرافُها الرثاء
ووديان البرقِ
قتلته أوهام التورّم
عاتبته أتراح العتبات

هذا الصليب من زيتوناتِ الجبال
التي أزهرت أغصانُها
من نزيفِ البتولات
وتهرّمت أكوام البيادر
تفتّحت سنابل الحصاد
في زمن الشقوق والجفاف
ونشاف حليبِ الحاملاتِ
في غياهبِ القلقْ
ينفردُ النهرُ عن أصلِهِ
تنفصلُ عكّا عن سورها
تنهارُ تلةُ الغرباء
وحيفا تراقبُها
مع خفايا الانتصار
طار المكانُ من المكان
وانقلبتْ الهمهمات في أوكارها
وخفايا المتربّعات
تكاثرتْ مساربُ الاحتمالاتِ
وتورّمت خدودُ اللوزِ
في خريفِ الذاكرةِ
سقط نوّارها بين شقوق الذكريات
السفارات بأغلبها لا تعرف اللغات
ولا تعرف إلّا مجالس الثرثرات
يقمعها الفرجُ
تتناسقُ مع حزنِها
وتلوكها الأخبار
أقتحمهُ دونَ ضجيج
واقتربت لحظات الغياب
عرّستْ تلاوين الشواهدِ
وتباركت أوراقُ الخريفِ
من ربيعِ الصادقاتِ
وتداخلتْ فصولُها
مع انبعاثاتِ الرحيل
تلاحمت بقاياها مع العذلِ
أحبَّها المنارُ والانتصار
أحبّتها شمس الرهامِ
وظلال الأسرار
أحبّها الحجر
وحُبيبات البرَد
أحبّها قوسُ قزح
وأحبّتها قوافي البيداء
أحبّتها أحلام الشتاء
وينابيع الالتزام
أحبّها الفقراء والسجناء
أحبّتها مواسم العطاء
وجنون العيون الصادقات

لا تصدّقي ما قالوه
بأنّني لا أحبّك ….
فأنتِ سجني
وأنتِ زنزانتي التي غادرتها
إلى زهورِ الأرض والسماء
تبكيني أحزان صمتي
زنزانتي قاسمتني الرجف
وعند الفراق
بادلتني العناق بالعناق
وبهمسات الوطن
وطاقات العلم