

هُتـافُ الرِّيح
أَوْحَيْتِ لِي.. ما كانَ وَحْيُكِ يُفْتَرَى
فَأَتَيتُ أَنْصِبُ لِلْحَقِيقَةِ مِنْبَرَا
كالرِّيحِ أهْتِفُ في هَواءٍ أَبْكَمٍ
فَيُجِيبُني بَصْقُ السُّفُوحِ عَلى الذُّرَا
ليِ خُطْبَةٌ عَمْيَاءُ يَخْدَعُهَا الصَّدَى
وقَصِيدةٌ خَرْسَاءُ أَتْعَبَهَا الـسُّرَى
وَجَعِي فؤادٌ لا يُمَارِيِ في الهَوَى
والنَّاسُ يُعْجِبُهَا التَّجَمُّلُ والمِرَا
أغفو عَلى لَيْلٍ تَأخَّرَ فَجْرُهُ
والحُلمُ في شَالِ الفَتَاةِ تَدَثَّرَا
أَهْدَى لها الرحمَنُ خَطْوَ نَبِيِّهِ
فأحبَّها قلبٌ تَبَتَّلَ في (حِرَا)
سأصونُ قُدسكِ يَا بِلادُ , أحُوطُهَا
وألَمُّ دَمْعَتَهَا وأمْسَحُ مَحْجَرَا
أرسلتُ طُوفانَ التَّمَرُّدِ واللَّظَى
وسَقيتُهُمْ كَأسَ الهَوانِ ..مُكبِّرَا
لا تَحْلُمُوا أنْ تَسْتَرِيحَ قَوَافِليِ
سَأَسِيرُ, أَسْلُكُ في الدُّرُوبِ الأَخْطَرَا
جَرِّدْ حُسَامَكَ يا (عَليُّ) , وهُزَّهُ
فَبِلادُنَا بِالذُّلِ صَارَتْ خَيْبَرَا
وأرَى المآذنَ يا (بِلالُ) تحدَّبَتْ
وبكى الأذَانُ عَلى المدَائِنِ والقُرَى
وأَنَا الأَبيُ.. أَنَا الذِي طُوفَانُهُ
– بالعِزِّ- عَنْ ذُلِّ الشُّطُوطِ تَحَرَّرَا
تَهْوِيِ المَنَاجِلُ, والسَّنَابِلُ تَرْتَقِي
و يَبُوسُ غَلْتَهَا الغَمَامُ لتُثْمِرَا
غَرَسُوا بِخَاصِرتِي خَنَاجِرَ حِقْدِهِمْ
فَسَأَفْتَدِي مَنْ سَلَّ مِنِّي خِنْجَرَا
أُلْقِي الحَقَائِقَ لِلْوُجُوهِ لَعَلَّنِي
يومًا أَرَى للغَافِلينَ تَذَكُّرَا
يا من سَرَىَ...هَذِي القِبَابُ بَيَارِقٌ
وَمَعَارِجٌ فِيهَا الحَنِينُ تَفَجَّرَا
فَاصْعَدْ إلى قِمَمِ المَهَابَةِ خَاشِعًا
فَعَلَيكَ أَخْشـَى أَنْ تَبُوحَ فَتُشْهَرَا
:لَكِنَّنِي يَا قُدْسُ يَحْرِقُنِي الأَسَى
والقَهْرُ في وَجَعِ العُرُوقِ تَبَخْتَرَا
أَتَضِيقُ فِيكِ مَلامِحِي ومَدَائِحِي
وَيَشِيخُ نَهْرٌ مِنْ نَدَاكِ تَقَطَّرَا
يا قُدْسُ قد خَاطَ الظَّلامُ عَبَاءَةً
والطِّفلُ يَفْتَحُ للصَّبَاحِ المعْبَرَا
ويَصُكُّ فيِ وجْهِ الطُّغَاةِ حِذَاءَهُ
فَيَرَى سَحَابَكِ بِالكَرَامِةِ مُمْطِرَا
كَـ(مُلثَّمٍ) خَطَفَ القُلوبَ نِدَاؤهُ
لمَّا أشَارَ عَلَى الرَّدَى أَنْ يَحْـضُرَا
أو فِتْيَةٍ حَفَرُوا إلى دَرْبِ العُلَا
نَفَقًا فَأَشْعَلَ في النُّفُوسِ تَحَرُّرَا
فَلَكَمْ أَرَى نُورًا لِصُبْحٍ زَائِفٍ
وَرَأَيْتُ فَي (نَفَقٍ) ظَلامًا نَيِّرَا
الله قَدَّرَ أنْ نَكُونَ سُيُوفَهُ
بِعْنَا النُّفُوسَ ورَبُنَا مِنَّا اشْتَرَى
لا تَحْزَنِي يَا قُدْسُ مِمَّنْ هَادَنُوا
رِيْحُ الخَيَانَةِ لنْ تُعَكِّرَ كَوثَرَا
سَتَجِيءُ (حِطِّينٌ) بِسَيْفِ صَلاحِهَا
والخائِفُونَ سَيُسْقِطُونَ المِئْزَرا
يا بَابَ مِعْرَاجِ القُلُوبِ إلى السَّمَا
يا سِرَّ نُورٍ في رِحَابِكِ قَد سَرَى
سأُغيِّرُ التَّارِيخَ , أَرْسُمُ جَنَّتِي
وَلَسَوفَ أَنْصِبُ لِلْحَقِيقَةِ مِنْبَرَا
سَأَجِيئُ بَابَكِ في الزِّحَامِ مُعَانِقًا
وَلَسَوفَ يَتَّسِعُ الصـِّرَاطُ لأَعْبُرَا