

طرقنا بابكم فأجاب صمت
أما لبعيدِ هودَجِــــــــــــــكم قدومُ ؟ | |
يتيمٌ بَعدكم قلبي … يتيــــــــــــــمُ | |
تقادَمَتِ الوعودُ ولا لقـــــــــــــاءٌ | |
يُنادم ُ فيه معموداً نديــــــــــــمُ | |
وغادرنا الربيعُ فلا هَــــــــــزارٌ | |
شدا بضحىً .. ولا نضجتْ كرومُ | |
فأنْجدْنا… ولكن لا "عَـــــــرارٌ" | |
أفاءَ لنا … ولا نَفَحَ "الشَّميمُ" (1) | |
طرقنا بابكم سبعاً… فألقــــــى | |
علينا شوكَ وحشتهِ الرَّنيــــــــمُ | |
أعدْنا طرقنا … فأجابَ صمتٌ : | |
لقد رحلوا… فَشَيَّعنا الوجــــومُ | |
وكدنا نسألُ الجيرانَ لـــــــــولا | |
حَياءُ "السينِ" حين يظنُّ " جيمُ" | |
وقفنا بُرهةً فتنـــــــــــــازعتنا | |
" ثَرَمداءٌ" و"أبلج " و" القصيمُ" (2) | |
تشابكتِ الدروبُ على غريبٍ | |
كما يتشابك الليـــــــــــــلُ البهيمُ | |
فيا أحبابنا هل من جديـــــــــــدٍ | |
يعانقُ صحوَهُ حلمٌ قديــــــــــــمُ | |
ويا أحبابنا ما طــــــــــــــــولُ عمرٍ | |
لنفسٍ لا تُرامُ ولا تـــــــــــــــــَرومُ ؟ | |
ويا أحبابنـــــــــــــــا هل كان يذكو | |
بغير حريقهِ الرّنــــــــــدُ السليمُ؟ (3) | |
تمكَّنتِ الصَبابةُ من صبــــــــــورٍ | |
على ما ليس تحملهُ الجســـــــــومُ | |
فأضحى يستغيثُ بطيـــــفِ جفنٍ | |
وقد مَطَلَتهُ فاتنــــــــــــةٌ ظَلومُ (4) | |
رأى فيها بـ"بندَةَ" خلفَ ستـــــرٍ | |
صبــــاحاً تحتَ داجيـــــــــــةٍ يُقيمُ(5) | |
تَبَعثـــــــرَ جمعُهُ … واحتارَ قلبٌ | |
وغادرَ ثغرَهُ الصوتُ الرخيــــــــمُ | |
وكاد يشدُّ عن وجـــــــــــهٍ " نقاباً " | |
ليشرقَ مُشمِساً صبحٌ كريــــــمُ | |
فـ" بَنْدَةَُ" حيـــــــــــن قابلها نعيمٌ | |
و"بَنْدةُ" حيـــــــــن فارقها جحيمُ | |
وعاتبني فمي : أيجـــــوزُ قتلي | |
على عطشٍ .. وفي عيدٍ أصومُ؟ | |
فدعْني أستقي من نبـــــــع شهْدٍ | |
ليَعسُلَ في دمي صابٌ صميــمُ(6) | |
وكدتُ أقول : لا نُسكاً ولكــــــنْ | |
مخافةَ أنْ يُقال فمٌ ذَميــــــــــــــمُ | |
وخشيةَ أن تعيشَ فمــــــاً طريداً | |
كـ" آدمَ" حين أغواهُ الرَجْيـــــــمُ | |
ويا أحبابَنا لو كانَ يُجـــــــــــدي | |
عتابٌ لانبرى قلبٌ هضيـــــــمُ | |
تَحَصَّنَ بالجنـــــونِ لدرءِ نصحٍ | |
يقولُ بهِ المُجرّبُ والحكيــــــــمُ | |
يغصُّ يراعُهُ لو خطَّ ســــــطراً | |
لغيركُمُ ويجفوه النعيـــــــــــــمُ | |
أتُغْني الطيرَ عن غُصنٍ نقوشٌ | |
لتغنينا عن الوصلِِ " الرسومُ"؟ | |
فجائِعنا ولُوداتٌ … وأمّــــــا | |
مسرتُنا فغانيــــــــــــــــةٌ عقيمُ | |
إذا اصطبحَ الفؤادُ بكأس سعدٍ | |
فقد زخّتْ بمغتبقٍ همـــــــــومُ | |
أخافُ عليَّ مني … إنّ قلبي | |
غريمي في السَكينةِ والخصيمُ | |
تَهَيّمَكم ويعلمُ أنّ عشــــــــقاً | |
عصيُّ الوصلِِ "مرتعُهُ وخيمُ" | |
وأقنعني "ابن غدرةَ" أن حُبّاً (8) | |
بلا جمر الصبابةِ لا يـــــــدومُ | |
فصحتُ بهِ : ألا يا جمرُ زدْ بي | |
حريقكَ واستبــــــــــدي يا كُلومُ | |
أذودُ عن الهوى بنزيــــفِ روحٍ | |
يُناصبُ وردَها شوكٌ أثيــــــــــمُ | |
وقلّدني عصا الترحالِِ رمــــلٌ | |
له عشقانِِ: طهرُ هوىً و"ريمُ" | |
فيا أحبــــــــابَ باقي العمرِ هلاّ | |
تُضاحِكُ ليلَنا منكم نجــــــــــومُ | |
أقيلوا عثرةَ الأمــــــــــــواجِ ألقتْ | |
بنا عنكم فمجدافي هشيــــــــــــــمُ |
الهوامش
(1)انجدنا: اتجهنا صوب نجد . وفي البيت اشارة الى البيت الشهير :
تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشية من عرار
(2) ثرمداء، أملج ، القصيم : من مدن المملكة العربية السعودية
(3) الرند: نبات طيب الرائحة ، تفوح رائحته عند حرقه
(4) المطل: التسويف بالوعد ، عدم الوفاء بالعهد
(5) بندة: من الأسواق الشهيرة في الرياض
(6) الصاب : نبت شديد المرارة. الصميم : الخالص والمحض من كل شيء
(7) تهيمكم : اصابه الهيام بكم
(8) ابن عذرة: المقصود به قيس بن الملوح