

سفر الثورة والخلود
المشهد الأول: ولادة الأسطورة
لم يُولد كغيره…
لم تُغنِّ له المهدات أغنيات النوم،
بل غنّت له الريح أناشيدها،
وصاح البحر باسمه،
وتكسّرت الأمواج على صدره
كأنها تحييه ملكًا للتراب.
ولد الإنسانُ من فم النار،
مبللًا بدم الشهداء،
مضمّخًا برائحة الزعتر والرغيف الساخن،
حاملًا في يده حجرًا،
وفي قلبه مجرّة كاملة.
المشهد الثاني: الأرض تشهد
قالت الأرض:
“يا ابني، أنت دمي،
إن غبتَ يومًا
ستعود في جذور الزيتون،
وإن متَّ،
ستزهر أزهاري من قبرك.
أنا لستُ أرضًا تُباع وتشترى،
أنا أمّ،
أرضعتك الحليب ممزوجًا بالدموع،
وأقسمتُ أن لا يتيم لي
ما دمتَ حيًّا.”
المشهد الثالث: الإنسان المقاوم
هو الإنسان،
يمشي في الأزقة كريحٍ ثائرة،
يعلم الأطفال كيف ينطقون اسمهم بكرامة،
ويزرع في كل حجر بذرة ثورة.
يحمل على كتفيه
أحلام الفقراء،
وصوت الجدات،
وصرخة المدن المهدمة،
كأن روحه درع من نار،
وكأن قلبه وطنٌ يتسع للأبد.
المشهد الرابع: المنفى
رحل كثيرون،
لكن الوطن ظلّ يسكنهم.
حقائبهم مثقلة بالمفاتيح،
وصور البيوت،
وأغانٍ لم تكتمل.
في المنافي،
كانوا يكتبون أسماء قراهم على الجدران،
ويزرعون زيتونة في كل حديقة غريبة،
ويعلّمون أبناءهم:
أن الطريق طويلة،
لكن العودة يقين.
المشهد الخامس: صوت الجدات
على عتبات البيوت القديمة،
كانت الجدات يخبزن الخبز بالدموع،
ويغنين للأطفال:
“لا تخف… الأرض أمك،
ستحملك إن وقعت،
وستردّك إن ضللت،
وستبقى تحرسك حتى آخر العمر.”
المشهد السادس: نشيد الأطفال
الأطفال…
عيونهم أوسع من السماء،
وأيديهم أصغر من البنادق،
لكن حجارتهم
تهزم جيوشًا بأكملها.
كل ضحكة يطلقونها
رصاصة من نور،
وكل لعبة يلعبونها
وعد بالحرية القادمة.
المشهد السابع: الأسطورة الحية
من دمه تُكتب الأساطير،
ومن صمته تُولَد الصرخات.
هو لا يسير وحيدًا…
وراءه أمة كاملة،
أجيال لم تولد بعد،
تسير بخطاه.
وعندما يسقط،
ينهض من تحت الرماد طيرٌ جديد،
ويصرخ صوته من فم الأجيال:
“لن نُهزم… لن نُهزم…
حتى لو انهار الكون.”
المشهد الثامن: معركة الذاكرة
الذاكرة ليست كتابًا،
إنها ميدان حرب.
في كل بيتٍ، صورة شهيد،
في كل شارع، أثر دم،
في كل أغنية، وطن مختبئ.
ومن يظن أن الذاكرة تُمحى،
سيكتشف أنها سيف،
يُشهره الأطفال
كلما حاول الغزاة
أن يكتبوا تاريخًا مزيفًا.
المشهد التاسع: العودة
سيعود الإنسان،
ليس بخطواته وحدها،
بل بأحفاده،
بضحكات الأجيال التي لم ترَ الوطن
لكنها تحمل ملامحه.
ستُفتح الأبواب المغلقة،
وسيتحوّل المفتاح من رمز إلى فعل،
وسيُقام العرس تحت الزيتون،
وترقص الأرض أخيرًا
على أنغام الحرية.
المشهد العاشر: الخلود
أنتَ، أيها الإنسان،
قصيدتك ليست بيتًا أو قافية،
قصيدتك هي شمس لا تغيب،
هي وطنٌ مكتوب بالعرق والدم،
هي حكاية تبدأ كل صباح
ولا تنتهي في المساء.
إنك أكثر من فرد،
أكثر من جسد،
أكثر من تاريخ:
أنت السفر الذي لا يُغلق،
والملحمة التي لا تموت.