الاثنين ٢٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥
بقلم رانيا مرجية

تركتُ كلّ شيءٍ خلفي… واتّبعتُ ضميري وقلبي

تركتُ كلّ شيءٍ خلفي…

لا لأن الأشياء فقدت قيمتها،

بل لأنني اكتشفتُ

أن أجمل ما في الإنسان

حين يضع الحقيقة في مقدّمة الطريق

ويترك ما عداها يتبع أو يتلاشى.

لم ألتفت كثيرًا،

فالماضي حين يُصبح أثقل مما يجب

يعرف وحده كيف يسقط من اليدين،

وكيف يتحوّل إلى غبارٍ خفيف

لا يعود قادرًا على تقييد خطوةٍ واحدة من خطواتي.

اتبعتُ ضميري…

ذلك الرفيق الذي يتحدث بصوتٍ منخفض،

لكنه يحمل سلطةً

لا تنافسها كل الأصوات العالية في العالم.

صوتٌ لا يبيعني لأجل رضا الناس،

ولا يشتري رِضاي بثمن الحقيقة،

بل يذكّرني في كل لحظة

أن الإنسان لا يقف على قدميه حقًا

إلا عندما يقف أولًا على قيمه.

ثم مضيتُ خلف قلبي…

القلب الذي لا يقدّم الإجابات دائمًا،

لكنه يقدّم الطريق.

الذي يخطئ، نعم،

لكنه لا يخون.

الذي يتعب، نعم،

لكنه لا يكذب.

والذي حين يوجعه العالم

لا يفقد قدرته على أن يلمع

كلما مرّت عليه نسمة صدق.

تركتُ أشياء كثيرة:

أسماءً لم تعد صالحة للروح،

أماكن ضاقت عن حلمي،

نوافذ تُطلّ على فراغ،

وعلاقاتٍ تُطفئني كلما اقتربت منها.

وتركتُ بين يدي الطريق

مساحةً لشيءٍ يشبهني

وليس لشيء يشبه ما يُريده الآخرون مني.

فهمتُ في النهاية

أن التحرّر ليس حدثًا،

بل نضجًا.

وأن الشجاعة ليست صخبًا،

بل صدقًا مع النفس.

وأن اتباع الضمير والقلب

هو أعقد أنواع السفر…

وأجملها.

والعجيب…

أنني حين تركتُ كل شيء،

لم أفقد شيئًا،

بل وجدتُ نفسي

أوّل مرة كما هي:

خفيفة، واضحة،

وممتلئة بما يكفي

لأعرف أن الطريق الذي اخترته

هو الطريق الذي اختارني أيضًا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى