الفاقد التعليمي التعلمي
يناقشُ مصطلحُ الفاقد التعلمي على طاولة التربية والتعليم أيامنا هذه، وثمة دراساتٌ وبحوث تناولت هذا المصطلح الذي يعكسُ ظاهرة، وهناك مقترحات حلول؛ لرأب هذا الصدع، فالفاقد التعليمي التعلمي يسيرُ في منعطفيْن حاديْن: المنعطفِ الأول يتمثلُ في عددِ أيام التعليم التي يفترض أن يتعلمها الطالب طوال العام الدراسي؛ مما يلحظ نقصاً فيها أو قل يلحظُ فاقداً فيها، فهذا ما يطلق عليه الفاقد التعليمي، وله أسبابه المختلفة إن اقتصادية أو اجتماعية، فالفاقد التعلمي الذي ينهض على نقص في المهارات المفاهيم ويكون نتيجة للفاقد التعليمي وغيره فيمكن أن نطلق عليه الفاقد التعلمي، ويحتاج إلى استدراك حتى يواكب المهارات والمفاهيم المبنية تراكمياً عليه، وبعبارة أخرى إن المفاهيم والمهارات تراكمية ولا بد من بناء المداميك على أساس ثابت حتى يشاد مستقبل المهارات والمفاهيم الجديدة.
شهدَ العالمُ فاقداً تعليمياً وتعلمياً نتيجة جائحة كورونا التي كان لها كبيرُ الأثر على العملية التعليمية التعلمية ؛ إذ واكب تلك الجائحة انقطاع عن التعليم وفقدان للمهارات التراكمية التي تؤسس لبناء المعرفة وتطورها، وبدأ الخبراءُ التربويون يبحثون عن حلولٍ ومقترحاتٍ؛ لتلافي هذا النقص، وكان من بين الحلول التي قفزت إلى سطح التطبيق توظيف التكنولوجيا والتعليم الإلكتروني عن بعد، وبدأت المؤسسات التربوية توظف برامج، منها على سبيل المثال: (التيمز) الذي حل جزءاً من هذه المشكلة وفق عبارة ما لا يدرك كله لا يترك جله، ولكن صاحبَ هذه التقنيات معوقات كان من أبرزها انتشارُ الشبكة العنكبوتية وما يرافقها من انقطاع لهذه الخدمة من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم توافرها بشكل كامل في المجمعات السكنية وضرورة اقتناء الأجهزة وعدم توافر الكهرباء في مناطق أخرى، ونتج ذلك إعطاء الحصص الصفية عبر المباشر وتسجيلها غير المباشر؛ ليتسنى للطلبة متابعة هذه المهارات والمفاهيم، وعلاوة على ذلك بناء اختبارات إلكترونية لتقيم جدوى هذه التقنيات المستعملة.
غير أن هذه التقنياتِ وإن حلت جزءاً من هذه المشكلة إلا إنّها لم تستطع أن تحل المشكلة بالكامل؛ ذلك بأن العملية التعليمية التعلمية لا تقوم فقط على نقل المعلومات من المنهاج إلى الطالب وإنما تنهض على عوامل اجتماعية ونفسية يقدمها المعلم وجاهياً للطلبة، فالتعليم الوجاهي له معاييره ومقوماته التي لا تستطيع آيةُ تقنية أن تقوم به، فالتعليم تربية للأنفس وبناء العقول، فأمير الشعراء شوقي يلخص عمل المعلم في مستويين: بناء الشخصية وإكسابها المعرفة ؛ إذ طفق يقول:
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
ازداد الفاقدُ التعليمي عقب تلك الجائحة نتيجة عوامل اقتصادية وظهرت مشكلة جديدة تتمثل في الأزمة الاقتصادية التي غرقت فيها المنطقة الفلسطينية تحديداً، وبات التعليم لا يقوم فقط على فاقد في المهارات والمفاهيم بل تعدى ذلك ليشمل عدد أيام الدوام الذي تغير نهجه من خمسة أيام إلى تدوير للأيام بحيث تعطى المهارات في ثلاثة أيام وتدوير المفاهيم والمهارات المنهجية على تلك الأيام الثلاث، وبالتالي جعل الطالب يأخذ كل المفاهيم والمهارات خلال الفصل الدراسي الذي يستمر وفق المعتاد له في تلك المدة المحدودة ولا يخسرالطالب شيئا، وبالمقابل التخفيف من حدة الأزمة العاصفة بالعملية التعليمية التعلمية، وبدأت تلوح في الأفق مقترحات توظف في المدارس منها تعليم الطلبة في أيام تكون عطلة في الأسبوع؛ لتمكين الطلبة من اكتساب تلك المهارات والمفاهيم للطلبة الذي هم بحاجة إليها، وتركزت العملية التعليمية التعلمية على الصفوف الدنيا من خلال مشروع التعليم المساند، والمخيمات الصفية التعليمية، كما تم التركيز على الصفوف العليا الثاني عشر تحديداً.
فالتعليم المساند الذي ينضوي تحت مسمى صعوبات التعلم قديماً وكنا ندرسه في التربية الخاصة يطلق عليه مشروع التعليم المساند، للتخفيف من صعوبة التعلم التي تنشأ في الصفوف الدنيا، وأجريت دراسات وبحوث لاختيار المدارس التي هم بحاجة لهذه المهارات لتفعيل دور التعليم المساند لتلك المدارس وفي المواد الأساسية (قراءة كتابة حساب) ذلك بان هذه المهارات لا فروق فردية فيها، فكل طالب ينبغي أن يتمكن من هذه المهارات فهي متطلبات حياة بغض النظر عن مستقبل الطالب أنى كانت وجهته الأكاديمية أو المهنية.
أخيراً لا بد لنا أن تتعاون وتتضافر الجهود المتمثلة بالمدرسة وبالمجتمع المحلي، سهمة في بناء لبنة في هذا الصرح التعليمي التعلمي؛ فهو لبنة من لبنات هذه المجتمع وجيل المدرسة درة هذه اللبنات وعليها ينهض المجتمع ويتطور، فلنتعاون وتتكاتف الجهود للحفاظ على هذا الصرح وتطوره لأنه مفتاح رأسمال النهضة.
