أمّاهُ أكتبُ مِن لظى زِنزانتي |
|
|
ومِنَ القيودِ وظلمةِ الجُدرانِ |
أشكو إليكِ حبيبتي مُتَشوِّقاً |
|
|
للدفءِ والصدرِ الحليمِ الحاني |
وأَبُثكِ الأشواقَ مع عِطرِ الصَّبا |
|
|
في كلِّ صُبحٍ مُشرقٍ رَيانِ |
أمّاهُ تكتحِلُ العيونُ بنظرةٍ |
|
|
في مُقلتيكِ وسِحرِكِ الربّاني |
وأراكِ في الأحلامِ بل في يقظتي |
|
|
مثلَ الملاكِ بحُلّةِ الإيمانِ |
وأكادُ أسمعُ دقّةَ القلبِ التي |
|
|
نبَضَتْ وألمسُ دفقةَ الشريانِ |
" يُمّا " حبيبي قد رفعتَ رؤوسَنا |
|
|
حتى السماءَ وفي ذُرى السُّحبانِ |
فاصبرْ حبيبي إنّ فجرَكَ قادمٌ |
|
|
والظلمُ مع أهليهِ حَتماً فانِ |
اللهُ يا أمّاهُ إنْ أضنى النوى |
|
|
قلباً وأنهلَهُ أسَى الهجرانِ |
فيَبيتُ تعركُهُ الخطوبُ وتحتمي |
|
|
فيه الهمومُ ولوعةُ الأحزانِ |
فالليلُ يا أماهُ ناءَ بكَلكَلٍ |
|
|
قد أثقلَ الأبطالَ من إخوانِي |
في كلّ يومٍ يسلبونَ كرامةَ ال |
|
|
أحرارِ بالتفتيشِ والحرمانِ |
قد صادرُوا حتى الهواءَ ولم يزَلْ |
|
|
رمقٌ بهاتيكَ القلوبِ يُعاني |
فالموتُ أهونُ من حياةٍ صُودِرَت |
|
|
منها الحياةُ وعِزّةُ الإنسانِ |
فقد افترشتُ الأرضَ في زنزانةٍ |
|
|
صُغرى ووخزُ نُتوئِها أدماني |
يتشابهُ الليلُ الطويلُ وصُبحُها |
|
|
حتى نسيتُ ببابها ألواني |
وشمَمتُ رائحةً تهبُّ كريهةً |
|
|
كالموتِ للدمِ ناهمٍ ظمآنِ |
وجلستُ وحدي والحتوفُ تحيطُ بي |
|
|
من كلِّ صوبٍ مجرمٌ أو جاني |
والقيدُ حتى القيدُ أنَّ بمعصمي |
|
|
وشَكَا لحالي السجنُ من سجَّاني |
وتألمت حتى الحجارةُ إذ بدت |
|
|
غَرقى بدمعِ عيونها أشجاني |
والنجمُ حارَ وقد تجلّى همُّهُ |
|
|
بأنينِهِ في ضيقِهِ الوَسنانِ |
والبدرُ في الآفاقِ أحزنَهُ النوى |
|
|
فبدا كئيبَ الوجهِ كالحَيرانِ |
وأبَيْتُ إلاّ أن أعيشَ مُكَرَّماً |
|
|
رغمَ الحديدِ وقسوةِ القضبانِ |
آمنتُ بالوطنِ الجريحِ وأمّتي |
|
|
وكفرتُ بالأعداءِ والخِذلانِ |
إني أذودُ عن الثرى وكرامةٍ |
|
|
مسلوبةٍ مِن أمّةِ العُربانِ |
|
وأذودُ عنكِ حبيبتي، عن أمّتي |
|
|
عن عرضِها عن طُهرِها الفتانِ |
ويلوذُ بي الصمتُ القتيلُ وأتقي |
|
|
شبحَ المنايا والردى بلساني |
بالجوع قاومتُ العدوَّ ومِن دَمي |
|
|
أشعلتُ نفحةَ، والإبا عنواني |
من عسقلانَ إلى مجدُّو ما انحنتْ |
|
|
هامُ الفدائيِّ العظيمِ الشانِ |
فرؤوسُنا فوقَ الجبالِ، ودونَها |
|
|
الأوغادُ في الأوكارِ كالجرذانِ |
نحنُ الذينَ تناقلَتْ أخبارَهُم |
|
|
هوجُ الرياحِ وصولةُ الركبانِ |
ذكرى تناقلَها الزمانُ، فمِن أسىً |
|
|
الأيامِ ننزِعُ فرحةَ الأوطانِ |
بالجوعِ نكتبُ للشعوبِ مفاخراً |
|
|
يهذي بها القاصي، ويحيا الداني |
تأبَى الإرادةُ أن نَذِلَّ وأنْ تلي |
|
|
أمرَ الشعوبِ وطاوطُ الغيرانِ |
إصرارُنا فوقَ العتاةِ وشعبُنا |
|
|
ضربَ المثالَ بحومةِ الميدانِ |
سَجِّلْ أخي و اصرخْ رفيقي، فالرّدى |
|
|
شرَفٌ يسطّرِهُ دمُ الشجعانِ |