
نقوش على قذيفة فسفورية
بقلم: خضر محمد أبو جحجوح
الفسفور بكل مكانْوالنار تلوك بقايا الأشلاء.والليل وشاحٌ أحمرُ مزرقٌّأطولُ من شطِّ المتوسط..وشظايا كُرَيات حمراء تعانق غرف النومْوالفسفور على عيني غزةيسكبُ موتا في عظم السرو المتفحمْوبأضلاع الجميز، وأشلاء الرمانِوأحشاء الزيتون، وأهدابِ الحَنُّونِوخاصرة الصبارْويلوِّن قوسا عشوائيا في ردهات الليلْيا ليلا يتفجرُ كالبركانْعادت تحمل ولديها بيديهاجذوةَ فسفور متفحمْوعلى كتفيها رأس أبيهاوبقايا لحم أخيها وبنيهافانهار البرج عليها حمما فسفوريةوأخوها يمسك بيديه يديهاحين تغلغل بمسام الجدرانوتبخر كدخانْيا صبيانَ مَدِينتناالليلة تأتيكم أجنادٌ كالطوفانْيحدوها الحارثُ والنعمانْفابتهجوا وارتجلوا الفرحة!!كم جنديّ ستحيُّون على رأس الشارع بعد الآنْ!!فرسانٌ ولي الأمرِ الفاتح لا تغفونحلتْذبلتْهزلتْفي أرجاء الصحراء تفتش عن حلْ!!(كم جنديا يقف على رأس الدبوس بروما؟((آفي) يمسك جوَّالا مبتلا كان يخبئه في جيب السروال"آلو darling "آني أوهبتخ راحابْI love you darlingوأحبك أكثر يوم تحنيني بدمِ الزنبق والنرجس..وتطوق عنقي بقلادة مريمووشاحِ سعادْوتعود على عجل من غزةتحملني بيديك إلى عشي المهجورْفي اليوم التاليكانت غزة تغسل كفيها من دم آفي ورفاقهعائلة كانتْ تتحلَّق حول الموقد بين الأسمالْفي غرف أعياها الندفُوجدار يبكي من ألم الغربةْلتهدهد أزهارا أضناها القصفُوعيونا قرحَها الخوفُوشيوخا رضعوا لبنَ النكبةلما عجن البارود بقاياهم تحت الأنقاض.كانت تعشق بنّاءًعربيا في بيت الجيرانتتحرق شوقا كلَّ صباح في شرفتهاوتلوِّح بيديها لفتىً مشغولا عنهايتصبب خجلا ويداه على المعولْتتمنى يوما أن ينظر ( شوقي ) في عينيهالكن شوقي كان يصلي ويتمتمْويردِّدُ كلمات لا تفهمها الشقراءُويعدُّ الساعات ليرجع من رحلتهفي كفيه المهرُيا مريم مدي كفيك إلى كفيه...ظلت في حسرتها...والبولونيُّ الأشقر يقتات أنوثَتها كل مساءْتتمنى أن تقتل ما كان يسلي شوقيا عنها..وأخيرا بعد سنينها هي تقتل مريمَ والأطفالَ وشوقي والجيران.وتسوي بالأرض منازلهم ومساجدهم.في المسجد تترنم أعوادُ المنبرفي شوقِ ودموعُ تتقطرُ في ركنيه زهوراوعبيراوسحاباتُ تهجُّدِ تتصاعد في الأنحاءْوغزالٌ يستنشق عبق القرآن!!كم غزلانٍ في الأركانْ!!والآنْ!طار المسجدُ...!!صار رمادا وغباراوتمطى الليلكُ في كل مكان!!والمسجد مغروس في قلبي وقلوب العشاق كبستانْلبست ليلى ثوبَ العرسِونما في هُدبيها النرجسُ والنسرينوعلى خديها الحنُّونُ الوسنانْووسام يسابق خطُواتِ الغيمِ إليهاوعلى شفتيه الفلُّ الحالملما صارت رأسُ وسامِ شظاياويداه جناحينسألت ليلى سلوى أين وسام؟فأجابتها الوردة:(خبأت وساما برموشيوتكحلت عليهفاختطف الصاروخ عيوني)والدمعة قالت:(أغفى في حقل اللوز مع الحوريّة...)فتقطر من عينيها رمانٌ في شهقاتٍ حمراءْيا شهقة عمري المذبوحْهوغو شافيزبازلتٌ أحمرْنبتت في كفيه النخوة إبرا فبكى...ودماؤك تنساب على الطرقاتوالصالح إسماعيلوعبيد الرومان...ما زالوا ينتظرون الحفل الأحمرْفي قصر القيصرْهذا زمن البسفورْوزمن الفاتح والأستانةفافتح أهداب الشطآن على الصحراءْفي زمن الفسفورْهل تمسحُ دمعتها؟!عيناها نهرا دمع ودماءوعلى الخدين أخاديدحفرتها جوهرتان انطفأت خضرتهافي حمم الليلومحمَّد أشلاءٌ فوق يديهاوأبوه بقايا أشلاء!!وقفت في شرفتها تلقي حبّاً لحمام ملهوففهوتْ من أعلى البرج شظاياودخان الزئبقِ ينقش في سعفات النخلِ حكاياتْويعانق حدقات الزنبق برماد ملتهب أسودْ
بقلم: خضر محمد أبو جحجوح