| يا أم حمزة نوحي الدهرَ وابكينا |
وكفكفي الدمع بالأحداق وانعينا |
| وناشدي الأرض بركانا ليطمرنا |
فما بها اليوم ناموسٌ فيحينا |
| الدارُ قيد وما عادت تؤانسها |
غيرُ العجائز تحكي سفرَ ماضينا |
| والأرضُ خصب وقد جفّت منابعها |
وانساب فيها حرورُ الجدب يسقينا |
| وضاع فيها نشيدُ العزّ معتزلا |
حتى استهام ببوق الشرك حادينا |
| وهذه الدور قد سدّت نوافذها |
وسيّج الذلُ عند الفجر وادينا |
| يا أم حمزة ما عادت بنا همم |
أو عاد يوقظنا ظهرٌ ويشفينا |
| نمْنا على طرب والشرك يبهرنا |
حتى صحونا وفكر الذل حاوينا |
| الحرفُ يخدع والأعلامُ تخذلنا |
والسوطُ يلبسنا خوفاً ويكسونا |
| إنْ نفتح البابَ أو ننظرْ بنافذة |
أتت علينا ضباعٌ تختفي فينا |
| الحالُ أصبح كالأغنام تحرسها |
زعرُ الكلاب لذئب صار فرعونا |
| لا الذئب يرحمُ لا الأغنام يسعفها |
شوقُ الحياة وتغني النحرَ سكينا |
| كنّا الغزاة وخيلُ الكرّ تتبعنا |
والروحُ فينا لعشق الموت تغرينا |
| كنّا وربّك لا تغفو مضايفنا |
حتى أستضاء بجمر القدر عالينا |
| كنّا كفردٍ أصاغ الدهرَ مقتفياً |
في الذود شبلاً وفي الكرات شاهينا |
| واليومُ نحن مجاميعٌ مشرذمة |
فيها التفرقُ يذرينا ويزرينا |
| فيها الولاءات للأحزاب تحكمنا |
والجاهلية دون الدين تغنينا |
| الـنــاسُ تـلـهـو بـآمــال فأحـسـبـهـا |
مثـل الـسـراب يـنـادي فــي أمانيـنـا |
| اللهوُ يسمو فيسمو الذلُّ مركبنا |
فزارعُ الشوك لن يقتات يقطينا |
| لا يشبع المالٌ أطماعا تؤرقنا |
ولا المكاسب عند الجاه ترضينا |
| لا الموت ينسى ولا الآلام ترحمنا |
ولا الملذات يوم الفصل تنجينا |
| لن يسعد الناس مهما فاض مكسبهم |
أو زيْد قومٌ على المقسوم ماعونا |
| ما عزّ مالٌ ولا جاه مذلتنا |
أوعزّ يوماً دعاةُ الشرك نادينا |
| لن يرفع الذلَ غـربٌ طـار منخدعـا |
أو يمنح العـزَ شـرقٌ بـات تسكينـا |
| العزُّ في الدين منهاجاً ومعتقداً |
والدين عزّ به نعلو السلاطينا |
| ما ذلّ قومٌ وبيضُ الحق مشرعة |
أو ذلّ غدرا فؤادٌ قال آمينا |