
من بستان سيرتِها
. . . . . . . . . . . . . . . رضي الله عن السيدة عائشة
وطافَ فؤادي حولَ سيرتِها ذكْرا
فطارت حروفي نحو بستانها شِعْرا
على بابهِ دَقَّ انتظارُ تَطلّعي
بَنَى من زحام الشوق فوق دمي جِسْرا
مَشيتُ بنور القلب، أخطو بنبضهِ
حثيثًا لبستانٍ من السيرةِ الكبرى
دخلتُ لعلَّ الشعرَ يكتبني صدىً
وأقرأُ من سِفْر الشعور بها بِرَّا
وكَفّي على صدري لأسمعَ هَمْسَهُ
بِحُبِّ التي ما لامستْ كَفُّها نُكْرا
وبي شاعرٌ يعلو بهِ موجُ بحرِهِ
ليكتبَ في فضل التي قد عَلَتْ قَدْرا
ربيعيَّةُ الإيمانِ منذُ طفولةٍ
وكم زادَ عقلُ المرءِ في عمرهِ عُمْرا
بنورٍ أتى جبريلُ يحملُ صورةً
لِبنتِ الذي في الغار شدَّ لهُ أزْرا
لها اختارهُ الله الحكيمُ تَكَرُّمًا
وهل في اختيار اللهِ أمرٌ حوى وِزْرا؟
فتوَّجَها بالحبِّ حُبِّ نبيّهِ
بهِ قد بَنَت في قلبها لهفةً قَصْرا
تدفَّقَ ماءُ الحبِّ، والقلبُ لحظةٌ
إذا خَفَقَت صرنا بأشواقها دهْرا
فَمِنْ بيتِ صِدِّيقٍ لبيتِ نُبوّةٍ
وبينهما وصلٌ قويمٌ عَلَا فَخْرا
لهُ الثَيِّبَاتُ الحبُّ والحبُّ كلُّهُ
ربيعًا أتَت من بينهنَّ لهُ بِكْرا
ومن حولها الروضاتُ، تَقْوَى مَرابِعٍ
فَمِنْ بيتها للقبلّةِ الروضةُ الصغرى
تراءت لهُ كالشمسِ صفوَ سمائهِ
وتزهو بهِ دفئًا وفي وجهها البشرى
فقد نَزَلَ الوحيُ الكريمُ بِرَبْعِها
إذ اللحظةُ البكرُ استوت عندها خدْرا
وأقرَأها جبريلُ سِفْرَ سلامِهِ
فجاءت تحيّاتُ السماءِ شذىً، طُهْرا.
فكيفَ لِمَن نورُ السماءِ بساحها
يلامسُ ما قالوهُ عنها غوىً ظُفْرا؟
لها النورُ من عينِ الحبيبِ مدارجٌ
فكيفَ لخاوٍ مُعْتِمٍ أن يرى الفجْرا
سَقتْنا من النبعِ المُصفّى بيانهُ
فَكمْ من أحاديثٍ رَوَتْها لنا تَتْرى
وكم من علوم الدّين أَزْجَتْ لسائلٍ
كما الغيثِ سَحًّا صافيًا قد نَمَا ذُحْرا
وَكَمْ بلغتْ بين النساءِ فضائلًا
عَلَونَ ولم يَبْلُغْنَ من فضلها العُشْرا
فَبَينَ النساءِ المؤمناتِ فقيهةٌ
وفي كلِّ فَتْواها لهنَّ سَمَتْ فِكْرا
لها في نفوس الأتقياءِ مودّةٌ
فما نفسُها يومًا بأمرٍ أتَت إمْرا
بها كفُّ جودٍ في زحامِ خَصَاصَةٍ
تُطيّبُ ما جادت بهِ نفسُها عِطْرا
رأت في رسول الله أُسْوةَ صابرٍ
فَكَمْ بخيوط الفقر حاكت لها صبْرا
فَبُسِّطَ في قلب الرسولِ لها مدىً
يسيرُ بهِ روضًا بدنياهُ لا قفْرا
تَرَّبَت على حِجْر النبيِ صغيرةً
على حِجْرِها قد ماتَ، حِجْرٌ أَوَى حِجْرا