
للظاهرية صورتان
بقلم: يوسف أحمد أبو ريدة
للظاهرية صورتانبلوحةٍسحريةٌ ريّا تُحلّقُ في فضاءِ الذكرياتِوتستبيكَوتدلقُ الأخرى عليكَ صدى محيّاها الكئيبْترنو إليكَ بلابلُ الأيامِ من زيتونةٍ عشقت ثراهافاطمأنّتْمن زمانٍ قد تطاولَثم تُغضيإذ يحاصرُها النعيبْ*****في الظاهريةِتزدهي الأشياءُتلبسُ زهرَها الخَضِلَ المشرّبَبالطيوبْتمتدّ سِحرا في حُقول الأمنياتِالمشرقاتِ على المدىوالباسطاتِ الروحَفي " نقََبِ الجنوبْ "*****تختالُ " جوشنُ " في الرحابِ أميرةًفي ثوب عفّتها القشيبْتلقاكَ بالجفنِ المكحّلِكلما أرسلتَ طَرْفكَغازلتْكَ برقةٍوتندّ من ثغرِ الأصالةِ بسمتانِوهمسةٌ عند الغروبْ*****لا سحرَ بعد السحرِ في تلك الأزقةِ والقبابْلا خمرَ يُسكرُ كالنسيمِ تنثُّه تلك النوافذُفي انسيابْإذ يستبيكَ كأنّ نفحَ عبيرِهمن ثغرِها المتقوّسِ المسبوكِأخيلةُ الشبابْفترى القصائدَ كالسحائبِليسَ تمطرُ في خيالِكغيرَ شؤبوبِ النسيبْ*****تلتفُّ حولَ " الخوخةِ" الشمّاءِأغنيةُ الصبايا الحالماتِبسندسِ الأيامِفي العرس الخرافيّالموشّى بالأمانيّ العِذابْوتهيم عشقافي المكانِكأنه "لَوْجُ" الزفافِيهدهدُ الحُلْم الجميلَََوتخلعُ اليومَ المضمَّخَ بالعَذابْوتحسّ أنكَ في جنانٍتعزفُ الحورُ الملاحُ عليك ألحانَ القلوبْ*****تصطفُّ حولَكَ ذكرياتُ الأمسِ شمساكالعرائسِ في مفاتن جَلْوَةٍرقصتْ بأجفان الحبيبْوترى الأزقةَ كالأكفِّ الناعماتِكأنها مخطوبةٌ ريّا اللحاظِاحدودبتْكي تمسحَ الأثقالَعن صدرِ الخطيبْ*****وترى الرجالَ القابضينَعلى الرياضةِ والثقافةِ جمرتينِِبِبَهْوِهامتزنّرينَ بحبّهامتعلّقينَ بحبلِ " غزلان الجنوبْ"وترى المغارةَ شاهدا ثقةًتدوّن كفّهاوجعَ السنينَورحلةَ الغازي الذيقد أنشبَ الأظفارَ يومافي مفارقِِ صخرِهافتململتْوطوتْ يداها الحُرّتانِسجلّه من غير دمعٍ أو نحيبْ*****والآن..."جوشنُ " تستعيدُ الأمسَ في أحلامِهاوتعيدُ ترتيبَ الهوىبرؤى العطورِتعيدُ ترتيلَ النّدىعند البُكورِوتشعلُ الأملَ الخصيبْولربما من بيدرِ الأيامِ في أحلامِهاتُهديكَ تِبْراربما تزجيكَ طيرافي فضاء جمالِهالتكونَ هدهدَ سرّهالكنْ... تطالعكُ الخطوبْأنَّى اتَّجهتَ ترَ الجدارَ المستبدَّيُقضقضُ الأرضَ الخصيبةَيُنشب الأظفارَ في عُنقِ الحقولْوترَ السياجَ يحاصرُ الزيتونَيجثم شوكُه المحتلُّ كابوسابأوردةِ الشجيراتِ التيما أنشدتْ يومامعَ الغِربانِالحانَ الأفولْوتجلطت فيها الدماء حزينةًلكنها ما طأطأتْما أضحكت سنَّ الغريبْ*****في الظاهريةِيبذرُ الفلاحُ حبَّةَ قمحِهقرصا من " الأكامول" فجراكي يهدّئَ من صُداعِ الأرضِإذ ضاقتْ بمعولِمَنْ سقاهادمعةَ الطفلِ المغلَّفِ بالأسىودمَ الحبيبْفإذا رأيتَ بكفِّه المِحراثَفي سفحِ الجبالِ تيقنتْ عيناكَأنّ حِراثةَ الأرضِ الحبيبةِحقنةٌ بوريدهافي عُرفِه الوطنيِّ كيتشتدّ في وجه الكروبْلا يأسَ يقدرُ أن يُصفّدَ حُلمَهالكنّما للذئبِ فيها سطوةٌوالليلُ فيها مثقلٌ بصدى الحروبْفإذا تبسّم ثغرُهارصدتْهُ أجهزةُ الزلازلِوابتنوا من فوقِه وطنا لهمواستوقفوا فيه الأسنةَوالمجنزرةَ الرهيبةَكي تشارك أهلَهافي لقمةِ العيشِ الرهيبْ*****في الظاهريةِ يكتوي الإنسانُ من لفْحِ الهجيرْوترى الجبالَ كأنها شيخٌ وقورْيرنو إلى كبدِ السماءِ بحرقةٍ في كل حينٍيستجيرْيا ربّ أثقلني الجفافُوأرهقتْ جسدي الجُدوبْلا ماءَ ينبضُ في الجرارِ الموجعاتِالحالماتِعلى مدى الستينَبالماءِ القَراحْلا قطرةٌ بلّت شفاهَالظامئينَ فمحبسُ الصنبورِ أُغْلقَمن عقودٍ واستراحْحتّى عيونُ الأرضِ كُفّتْواستبدّ بها الهديرْواشتاق أهلي للخريرْحتى السماءُ تجهّمتْيا ربّ في أبصارناوكأنما طفلُ السحابِغزا مفارقَه المَشيبْ*****والعامل الغلبانُطال بسعيهِ هولُ المسيرْيسري ليحشرَ جسمَه المهدودَفي سيارةٍ قد صُمّمتْ لِتضمَّ أربعة من الركّابِفي درب وثيرْلكّنها راحتْ تُخضخضُ عَشْرتينِ من الرجالِكأنهم عُلَبٌ من السردينِ في كرسيّها الخلفيّيقتسمونَ ذراتِ الغبارِ معاوطعم الخوفِ... صوتَ النار والزامورْويغافلونَ حواجزا ورصاصة مّدت لظاهاحولهم لتسعرّ الموتَ الغضوبْوترى المتاجرَ مطرقاتٍيمضغُ التجارُ فيهاما تبقّى من حديثٍعن زمانٍ راحَيَخْنُقُه الحصارْوعن الزبائنِ طُوِّقوابحواجزِ تمتدّ في جسدِ المدينة كالسوارْحتى الهواءُ محاصرٌونسيمُه بيد الرقيبْ*****في الظاهريةِ يولدُ الإنسانُ حرّايولد الإنسانُ نَسرايولد الإنسانُ....يولدُ.....كي يصارعَ بابتسامتِه النيوبْ
الهوامش
– الظاهرية: مدينة الشاعر التي تقع في جنوب محافظة الخليل على حدود صحراء النقب في فلسطين
– وجوشن : اسم بلدتها القديمة،
– والخوخة : ديوان أهلها القديم وقد كان البناء المركزي لتجمع الناس في بلدتها، وغزلان
– الجنوب: اسم الشهرة للنادي الرياضي فيها، وهو أحد أندية الدرجة الممتازة في
– فلسطين،والأكامول: اسم تجاري لمسكن للآلام، يطلق عليه فبرامول أو باندول أو سيتامول أو سيدامول أو غيرها.
بقلم: يوسف أحمد أبو ريدة