
غريب أنت.. غريب أمرك
بقلم: طلال حمّاد
ماذا تنوي يا حامل همّ الدّنيا.. يُثقل رأسك ألَماً ـ يُضنيك؟ماذا تنوي واللقمة تأكُلُها غمّاً.. وبدون شهيّة؟والذلّ يُلاحقُكَ إلى كلّ مكانٍ، هذا قرشٌ مغموسٌ بالذلّ،وهذا شرع غابيٌّ يُفْرزُ ذُلاًّيَقْهَرُكَ،وتلْكَ قوانينٌومَراسيمٌتَحْكُمُ عَيْشَكما بينَ الصُبْحِـ إذا أصْبَحْتَ على خَيْرٍ ـومساء أغْبَرَ في كلّ الأحوالِـ أثْناء وخارج مَنْع التّجوالِ ـفأيْنَ تُفَكّرُ أنْ تذْهَبَكَيْ تَتَنفّس كالبَشَرِ؟مَمْنوعٌ أنْتَـ كَغَيْرِكَ؟كَمْ غَيْرُكَ مِثْلُكَ؟ ـحَسْبَ الأمْرِ(...)، بُعَيْد السّاعَة(...)، أوْ قَبْلَ الساعَة(...)أنْ تَخْرُجَ منْ بيْتك ـ سجْنُكَ ـ!مَمْنوعٌ أنْ تَتَحَدّى الشائعَ.ممنوعٌ ـ في هذي الساعة تحْسبُ ألْفَ حسابٍ ـأنْ تَخْرُجَ للشارِعِماذا تَنْوي..ماذا تَبغي..تَخْشى الآنَ..ـ هَل الخشْيَةُ هي ما يمْنَعُكَ؟ ـأنْ تمشي في الشارِعِـ الشارع حقّاً ليس الكورنيش. فأيْنَ ستمْشي؟ وإلى أيْن؟ـهلْ ثمّة في الأصْلِ شوارعُ.. في بَلَد تبدو في هذي الساعة قفراًتَنْقُصُها البهْجَةُتَحْكُمُها العَتْمَةًوالسّنجَةُوالسّحْنَةُ ـ منْ قالَ كَسِحْنَةِ أفْعى؟ ـفي قُبَّعَةٍ خَضْراءأو صَفْراءتَتَمَتْرَسُ خَلْفَ البابِوَتَحْت الشَبّاك؟فإلى أيْنَ سَتَمْضيفي هذي الساعَةِ ـ مِنْ لَيْل الْقُدْسِ ـوَأَنْتَ مُحاصَرُـ كالجُنْديّ الْمَخْذولِ ـبالأخوة لا بالأعْداء؟ماذا تَبْغي أنْ تَصْنَعَ في الأثْناءْ؟حدّ السّنْجَةِ ـ لوْ تَدْري ـ يُصْبِحُ ـ في قانون المسلوب ـوحدّ الشّرْعِ سواءْكيْفَ يكونُ ـ وَهَلْ يُمْكِنُ ـتعايُشُكَ وقاتِلُكَ كَجارَيْنِصباحُكَ مِنْه ـ إذا عُدّ صَباحاً شرٌّوَمَساؤُكَ ـ أثْناءَ وخارِجَ مَنْع التّجوالِِ ـ بَلاءْ؟ماذا إنْ تَخْرُجَ للشارِعِ وَحْدَكَ والكُلُّ يُشاهِدُ فيلْمَ السهْرَةِ، يَسْمَعُ أَغْنيّاتٍفي الحَبِّ تُذِلُّ، وتُطْلِعُ روحَكَ مِنْ شِدَّةِ قَهْرِكَ، فيها كَلِماتٌتَتَشَنَّجُ كُلُّ مفاصِلِكَ لَدَيْها، والشّاشَةُ تَسْلِبُ مِنْهُمْ ما ظَلَّ مِنَ الْعُمُرِوَما ظَلَّ مِنَ الذّهْنِ،وَما ظَلَّ مِنَ الْحِسِّ؟غَريبٌ جِدّاً أنْ يَنْظُرَ أيٌّ للشاشَةِ، يَنْتَظِرُ الْخَلَلَ الْلافنّيَّ ـ لِيُعْلِنَ عَنْ قَطْعٍإجْباريٍّ في الْبَثِّ، لِتَرْكيبِ شَريطٍ آخَرَ يَتَحَدّثُ عَنْ شيءٍ آخَرَ يَعْرِضُ شَيْئاً آخَر،مارْشاتٌ في السّاحاتِ، تُخاصِرُ زِلْماً ـ تَعْرِفُهُمْ، مَنْ لا يَعْرِفُهُمْ؟ تَذْكُرُهُمْ؟مَنْ يَنْسى ـ لَوْ يَقْدِرُ ـ في هذي الْحالِِ، وَلَوْ في الطّينِ الأسْوَدِ، مَنْ باعَ بَقيَّتَنا، كَخِرافٍ في الأسواقِ،مَنْ أسْلَمَنا كَسَبايا للأعْداءِ، فيَقْتُلَ فينا حُلُماً، أوْ يَقْتُلُنا الأعْداءُ؟ ـ . غَريبٌما يَحْدُثُ في هذا الكَوْنِ. وأنْتَ غَريبٌ. وغَريبٌ أمْرُكَ. في حُلُمٍ يَقِظٍ، أَمْ في يَقْظَةِ حُلُمٍ أنْتَ؟ومَنْ لا يَحْلُمُ، في السِرِّ وَفي الْعَلَنِ؟ ألا تَحْلُمُ أنْ يَحْدُثَ شَيءٌ آخَرَيَقْلِبُ هذي الدُّنْيا في صفِّ الْجَوْعى والْفُقَراءِ، وَتُصْبِحَ حُرّاً في الْخَلْقِ..وَتَكْتُبَ تَرْسُمَ تُنْتِجَ لِلْكُلِّ، وَتُبْدِعَ ـ ما أجْمَلَ ما تُبْدِعُ يا إنْسانُ،وَما أجْمَلَ ما تَفْعَلُ مِنْ أجْلِ الكُلِّ! ـما أجْمَلَ أنْ تُصْبِحَ حُرّاً، لا تَحْكُمُكَ قَوانينُ الذُلِّ، وَلا أنْظِمَةُ الأجْرِ،ما أجْمَلَ أنْ تَخْلُصَ مِنْ هذا القَهْرِ السّجْنِ الْقَيْدِما أجْمَلَ لكِـــــنْ...يَذْهَبُ ما تَفْعَلُهُ ـ ثمَّةَ مَنْ قالَ ـ هُراء!ماذا تَنْوي الآنَ، وَماذا تَبْغي؟أغَريبٌ حَقّاً أنْتَ؟ وَغَريبٌ أمْرُكَ؟ أمْ ماذا؟يُرْهِقُكَ الْجَهْلُ وَيُعْييكَوَيَقْعِدُكَ الصّبْرُ وَيُشْقيكَأغْمِضْ عَيْنَيْكَ وَنَمْ. لا تُغْمِضْ عَيناكَ وَقُمْالظُلْمُ أمامَك والظُلْمُ وَراءَكَوَبِلادٌ تَحْكُمُها الْعَتْمَةُوالسنْجَةُوالسّحْنَةُفي قُبَّعَةٍ خَضْراءَأوْ صَفْراءَفَماذا تَنْوي؟ ماذا تَبْغـي؟ مــا...... ذ......ا.......؟ثمَّةَ مَنْ قالَ:" تَجوعُ الْحُرَّةُ..."!ثمّ أضافَ: " ولا..تَأكُلُ مِنْ ثَدْيَيْها!"طَبْعاًأحْسَنَ قَوْلاًلكـــنْ...منْ أيْنَ ستأكُلُ ـ لَو شاءَتْ ـإنْ عَضَّ الجوعُ علَيْهاأو أمْعَنَ في بَلْواها خائنْبائنْ؟طوبى للحُرّةِ..طوبى.. يا أخْوَةُ للحرّةْفَلَقَدْ أفْقَدَها الجوعُ..إلى أنْ ماتَتْ..ثَدْيَيْها!فلماذا لا....تصرخ في الأوردة الثّوْرَةْ؟
بقلم: طلال حمّاد