الجمعة ٤ تموز (يوليو) ٢٠٠٨

غريب أنت.. غريب أمرك

بقلم: طلال حمّاد
ماذا تنوي يا حامل همّ الدّنيا.. يُثقل رأسك ألَماً ـ يُضنيك؟
ماذا تنوي واللقمة تأكُلُها غمّاً.. وبدون شهيّة؟
والذلّ يُلاحقُكَ إلى كلّ مكانٍ، هذا قرشٌ مغموسٌ بالذلّ،
وهذا شرع غابيٌّ يُفْرزُ ذُلاًّ
يَقْهَرُكَ،
وتلْكَ قوانينٌ
ومَراسيمٌ
تَحْكُمُ عَيْشَك
ما بينَ الصُبْحِ
ـ إذا أصْبَحْتَ على خَيْرٍ ـ
ومساء أغْبَرَ في كلّ الأحوالِ
ـ أثْناء وخارج مَنْع التّجوالِ ـ
فأيْنَ تُفَكّرُ أنْ تذْهَبَ
كَيْ تَتَنفّس كالبَشَرِ؟
مَمْنوعٌ أنْتَ
ـ كَغَيْرِكَ؟
كَمْ غَيْرُكَ مِثْلُكَ؟ ـ
حَسْبَ الأمْرِ(...)، بُعَيْد السّاعَة(...)، أوْ قَبْلَ الساعَة(...)
أنْ تَخْرُجَ منْ بيْتك ـ سجْنُكَ ـ!
مَمْنوعٌ أنْ تَتَحَدّى الشائعَ.
ممنوعٌ ـ في هذي الساعة تحْسبُ ألْفَ حسابٍ ـ
أنْ تَخْرُجَ للشارِعِ
ماذا تَنْوي..
ماذا تَبغي..
تَخْشى الآنَ..
ـ هَل الخشْيَةُ هي ما يمْنَعُكَ؟ ـ
أنْ تمشي في الشارِعِ
ـ الشارع حقّاً ليس الكورنيش. فأيْنَ ستمْشي؟ وإلى أيْن؟ـ
هلْ ثمّة في الأصْلِ شوارعُ.. في بَلَد تبدو في هذي الساعة قفراً
تَنْقُصُها البهْجَةُ
تَحْكُمُها العَتْمَةً
والسّنجَةُ
والسّحْنَةُ ـ منْ قالَ كَسِحْنَةِ أفْعى؟ ـ
في قُبَّعَةٍ خَضْراء
أو صَفْراء
تَتَمَتْرَسُ خَلْفَ البابِ
وَتَحْت الشَبّاك؟
فإلى أيْنَ سَتَمْضي
في هذي الساعَةِ ـ مِنْ لَيْل الْقُدْسِ ـ
وَأَنْتَ مُحاصَرُ
ـ كالجُنْديّ الْمَخْذولِ ـ
بالأخوة لا بالأعْداء؟
ماذا تَبْغي أنْ تَصْنَعَ في الأثْناءْ؟
حدّ السّنْجَةِ ـ لوْ تَدْري ـ يُصْبِحُ ـ في قانون المسلوب ـ
وحدّ الشّرْعِ سواءْ
كيْفَ يكونُ ـ وَهَلْ يُمْكِنُ ـ
تعايُشُكَ وقاتِلُكَ كَجارَيْنِ
صباحُكَ مِنْه ـ إذا عُدّ صَباحاً شرٌّ
وَمَساؤُكَ ـ أثْناءَ وخارِجَ مَنْع التّجوالِِ ـ بَلاءْ؟
ماذا إنْ تَخْرُجَ للشارِعِ وَحْدَكَ والكُلُّ يُشاهِدُ فيلْمَ السهْرَةِ، يَسْمَعُ أَغْنيّاتٍ
في الحَبِّ تُذِلُّ، وتُطْلِعُ روحَكَ مِنْ شِدَّةِ قَهْرِكَ، فيها كَلِماتٌ
تَتَشَنَّجُ كُلُّ مفاصِلِكَ لَدَيْها، والشّاشَةُ تَسْلِبُ مِنْهُمْ ما ظَلَّ مِنَ الْعُمُرِ
وَما ظَلَّ مِنَ الذّهْنِ،
وَما ظَلَّ مِنَ الْحِسِّ؟
غَريبٌ جِدّاً أنْ يَنْظُرَ أيٌّ للشاشَةِ، يَنْتَظِرُ الْخَلَلَ الْلافنّيَّ ـ لِيُعْلِنَ عَنْ قَطْعٍ
إجْباريٍّ في الْبَثِّ، لِتَرْكيبِ شَريطٍ آخَرَ يَتَحَدّثُ عَنْ شيءٍ آخَرَ يَعْرِضُ شَيْئاً آخَر،
مارْشاتٌ في السّاحاتِ، تُخاصِرُ زِلْماً ـ تَعْرِفُهُمْ، مَنْ لا يَعْرِفُهُمْ؟ تَذْكُرُهُمْ؟
مَنْ يَنْسى ـ لَوْ يَقْدِرُ ـ في هذي الْحالِِ، وَلَوْ في الطّينِ الأسْوَدِ، مَنْ باعَ بَقيَّتَنا، كَخِرافٍ في الأسواقِ،
مَنْ أسْلَمَنا كَسَبايا للأعْداءِ، فيَقْتُلَ فينا حُلُماً، أوْ يَقْتُلُنا الأعْداءُ؟ ـ . غَريبٌ
ما يَحْدُثُ في هذا الكَوْنِ. وأنْتَ غَريبٌ. وغَريبٌ أمْرُكَ. في حُلُمٍ يَقِظٍ، أَمْ في يَقْظَةِ حُلُمٍ أنْتَ؟
ومَنْ لا يَحْلُمُ، في السِرِّ وَفي الْعَلَنِ؟ ألا تَحْلُمُ أنْ يَحْدُثَ شَيءٌ آخَرَ
يَقْلِبُ هذي الدُّنْيا في صفِّ الْجَوْعى والْفُقَراءِ، وَتُصْبِحَ حُرّاً في الْخَلْقِ..
وَتَكْتُبَ تَرْسُمَ تُنْتِجَ لِلْكُلِّ، وَتُبْدِعَ ـ ما أجْمَلَ ما تُبْدِعُ يا إنْسانُ،
وَما أجْمَلَ ما تَفْعَلُ مِنْ أجْلِ الكُلِّ! ـ
ما أجْمَلَ أنْ تُصْبِحَ حُرّاً، لا تَحْكُمُكَ قَوانينُ الذُلِّ، وَلا أنْظِمَةُ الأجْرِ،
ما أجْمَلَ أنْ تَخْلُصَ مِنْ هذا القَهْرِ السّجْنِ الْقَيْدِ
ما أجْمَلَ لكِـــــنْ...
يَذْهَبُ ما تَفْعَلُهُ ـ ثمَّةَ مَنْ قالَ ـ هُراء!
ماذا تَنْوي الآنَ، وَماذا تَبْغي؟
أغَريبٌ حَقّاً أنْتَ؟ وَغَريبٌ أمْرُكَ؟ أمْ ماذا؟
يُرْهِقُكَ الْجَهْلُ وَيُعْييكَ
وَيَقْعِدُكَ الصّبْرُ وَيُشْقيكَ
أغْمِضْ عَيْنَيْكَ وَنَمْ. لا تُغْمِضْ عَيناكَ وَقُمْ
الظُلْمُ أمامَك والظُلْمُ وَراءَكَ
وَبِلادٌ تَحْكُمُها الْعَتْمَةُ
والسنْجَةُ
والسّحْنَةُ
في قُبَّعَةٍ خَضْراءَ
أوْ صَفْراءَ
فَماذا تَنْوي؟ ماذا تَبْغـي؟ مــا...... ذ......ا.......؟
ثمَّةَ مَنْ قالَ:" تَجوعُ الْحُرَّةُ..."!
ثمّ أضافَ: " ولا..تَأكُلُ مِنْ ثَدْيَيْها!"
طَبْعاً
أحْسَنَ قَوْلاً
لكـــنْ...
منْ أيْنَ ستأكُلُ ـ لَو شاءَتْ ـ
إنْ عَضَّ الجوعُ علَيْها
أو أمْعَنَ في بَلْواها خائنْ
بائنْ؟
 
طوبى للحُرّةِ..
طوبى.. يا أخْوَةُ للحرّةْ
فَلَقَدْ أفْقَدَها الجوعُ..
إلى أنْ ماتَتْ..
ثَدْيَيْها!
فلماذا لا....
تصرخ في الأوردة الثّوْرَةْ؟
بقلم: طلال حمّاد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى