السبت ٣٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٨

عودة التتار

بقلم: زياد علان العينبوسي
مازالت الحرب الضروس
بضفتي وبغزتي
تجتثُّ أشجاري التي
شمخت على
مَرِّ العصور
بقريتي ومدينتي
تلك التي
ضَرَبتْ عميقاً
جذرها
بكرامتي وبِعِزَّتي
 
وثمارها ولدت برحم
عقيدتي وعُروبتي
 
وأثورُ أمتشقُ الحسامَ
وأمتطي
صهوَ انتمائي
للدماءِ أُريقها
دفقاً سخياً علَّني
يوماً أعيد بدفقها
وجهاً توارى
عن ملامحِ أُمَّتي
 
يا أمتي
إنِّي هنا
بالحرب أَقتنِصُ الهواءَ
فهل سمحتم
للنسيمِ
بأَن يمرَّ
من الحدودِ لضِفتَّي
ولغَزَّتي
 
ما كنت أسألُكمْ دواءً
أو طعاماً
فالجراحُ طبيبها نفَحاتُ إيماني
وآكلٌ صفحةَ التاريخ
قسم أبي وجدِّي
من مُجلَّدِ أحمَدٍ
وبهِ غذاءٌ أستطيبُ مذاقهُ
وبهِ أواصلُ رغمَ آلام الجراح
مسيرتي
 
لكنني
قَد حِرتُ في
ردِّ الجواب
على سؤالٍ
من براءةِ طفلتي
 
سأَلَتْ بصوتٍ مخمليٍ
والدموعُ تدحرَجَتْ
مثل اللآليءِ
في قتامةِ عتمتي
 
أولم تَقُلْ لي
إنهم يتهيئونَ لنجدتي
سمَّيتهم آنذاك أهلي
وامتدادُ عشيرتي؟
 
عيني على جسَدِ العروبة
والرسالة
ها هنا صُلِبَتْ
وقَد غُصِبت
وترزح هامة الأقصى
وتُعقَلُ صخرتيْ
 
واصيحُ في كبدالسماءِ
منادياً
وتعودُ لي بعدَ الطواف
بِلا جوابٍ
قد هوتْ
في عمقِ وحي صرختي
 
إني أراها
شِبهَ عاريةٍ
ولولا نَخوةٌ بُعثَت
بِطفلٍ قامَ يَطلي جسمها
بدمائهِ
لتكَشَّفَت عوراتها
 
ياااا صالةَ الأفراح يا شادي الغناءْ
يا من تُحلِّقُ كالنجوم
على سماء الأُمسيات الصاخباتْ
 
يااا صاحب الصوت الرَّخيم
وفاتن العذراءِ
يا نجم الصبايا المُعجبات
 
هلاَّ خَفَضتَ الصوتَ
علَّ القومَ
يستمعون لي
 
لِوَصْلةٍ
من عَزفِ آلامي التي
جاءت لصالتكم على
متن الجراح بصيحتي؟
 
فبها زغاريد النساء
محلقاتٍ في السماءِ
تلاحق الصاروخَ
والرشقات من
طفلٍ تلَثَّم َسُمرةَ العَربي
خلف أزقةٍ قد حنَّطت تاريخها
وتمترست في رحمِ
أمسٍ لا تراهُ كغابرٍ
بل حاضرٍ وبقوةٍ وتهابهُ كل
الجيوش
وتتقيه الطائرات القاذفات
 
فهل طرِبتم يا جماهير المساء
لما سمعتم من غِناءٍ أو عَناءٍ
في أداءِ
قصيدتي
 
فأنا نزفتُ من الدماءِ
وقد وهَنتُ من العياءِ
ولم يعدْ
في الجسمِ صوتٌ
كي أُبلِّغَ قصتي
 
يا سيفَ خالدَ
كيفَ صرتَ أداةَ عزفٍ
تُطربُ الجمهورَ
في ليلٍ يطولُ بلا نهارْ؟
 
أتَرى ديار القومِ غَصّت بالغُزاةِ
ولا تغارْ؟
أتلومني إذا ذُهِلتُ
وإذ أحارْ؟
 
والله يا بنَ زيادَ إنَّي
قد حَرقتُ مراكبي
وغَدوتُ مثلُكَ
غيرَ أنِّي قد وُصِمتُ
بتهمةِ الإرهابِ
أهوى الإنتحارْ
 
تاهَ المسيرُ عن المسارِ
وغابَ أصحابُ القرار
فلا قرارْ
 
ها أنتِ يا بغدادَ
عُدتِ إلى المغولِ
وعاد دجلة للتتار
فَهل نغارْ؟
 
يا فارس الرمق الأخير
برحمها
هلا انبعثتَ
لكي تعيدَ سفينةَ
المجد المُعَتَّق من غياباتِ
الضياع إلى المسار ؟
بقلم: زياد علان العينبوسي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى