سماء العراق
عبر رحلاتي بين أمريكا ودول الخليج لأول مرة تحلق
الطائرة في سماء العراق فكتبت هذه القصيدة لبلد الآحرار
بلد الشهادة والأيمان
| طالعتُ أرضك في السماءِ هميما | وقرأتُ أسمكَ كالجروحِ أليما |
| وجمعتُ ذكراً، قد أناخ بخاطري | طرباً، وأوزعني شدى وغنيما |
| وشممتُ عطرك في الأثير فعانقت | روحي بطيبك بلسماً ونسيما |
| ونظرتُ عبر نوافذي فأجابني | أفقُ الجمال حضارةً وصميما |
| ودخلتُ فجّاً والغيوم سواتر | فأحالها شوقي اللهيب هشيما |
| فرأيت ليلاً والعراق ضياءه | كالبدر تغبطه النجومُ وسيما |
| وشعرتُ أمناً والممات يحيفني | فالموتُ أضحى في العراق نعيما |
| وملكتُ دفئاُ كالرضيع إذ أعتلى | صدر الحنانِ وأسهب التنويما |
| يعلو، وتعلو في جوانبه الدّما | ويصيرُ لون الخافقين رثيما |
| ورأيتهُ صرحاً يلملمه الرّدى | نحوَ المعالي سالماً وقويما |
| وعبرت زاخو والشمال ونينوى | وقربت بغداد الفداء كليما |
| ورفعتُ قلبي للسلام محيّيا | أرضَ الشهادة والفدى وكظيما |
| وعبرتُ بابلَ ثمّ واسط لاهفاً | ورمقتُ عيني للجنوب هميما |
| ولمحتُ ثغرَ الرافدين عجالة | كالفجرِ يمحقُ ظلمةً وبهيما |
| الأرضُ حمراءٌ وزهرٌ أحمرٌ | والجذر تسقيه النحورُ سديما |
| ما كان يبقى في الإباء ويرتقي | أو يعتلي فوق النجومِ رقيما |
| لولا الحناجر والضحايا والتقى | وقلوب شعب لم تر التسليما |
| والماجداتُ الى الفخار بشائرٌ | يعلو بهنّ دمُ العراق عظيما |
| لم تُدنِ قدرك للشموخ مناصب | أو كنت ترجو في سواك زعيما |
| بل كان شعبك لا يزال كأنّه | قلبٌ يطلّ على الممات كريما |
| فرأيتُ أرضك كالبدورِ تنيرها | شمسُ المقابر، لم تر التعتيما |
| ونسوك يا ساقي العراق بنحره | فيضاً يفيض على الغمامِ نقيما |
| لولاك ما رفعوا نواصي عزة | أو قارعوا في الرافدين حسوما |
| هل يمسحون عن اليتيم مآتماً | أو ينصرون من الظليم مظيما |
| أيتامُ شعبي لن يعيشوا ذلة | أو يلبسوا فوق الضلوعِ رديما |
| علماً تطول على الفخارِ مرفراً | بيدِ الشهيدِ، وترتقي التعظيما |
| وتعيشُ رغم الموجعات معافياً | وتكون فوق العاتيات سَهوما |
| هذي الجنائنُ في رباك علامة | ويطولُ سومرُ حاضراً وقديما |
| وهي المسلةُ لا تزال كأنّها | ثغر ويحسبها القضاةُ نديما |
| عَلَّمْت دنيانا الكتابة أحرفا | ورسمت فيها ملهما وحكيما |
| ما دمت تركعُ للسماء موحِداً | ستدوم سيفاً للسلامِ صروما |
| وتجيبك الأقدارُ عند نوازع | وتزيحُ عنك المانعاتُ حتوما |
| القيدُ حولك كالعظام تحيله | قيمُ الحرائر والنحورُ رميما |
| ما نام في أرض الأباة أذلةٌ | أو ترتضي دون التقاة زنيما |
| سيدومُ في أرض العراق ويرتقي | نهجُ السماء مبادئاً ورسوما |
| ويقومُ في ظل الصّلاة مُوحَدا | يبني المفاخرَ شامخاً معصوما |
| لن يرتضي شعبُ المبادئ مُلحِدا | او جاهلاً يعلو الزمامَ دميما |
| سيظلُ أسمك يا بلادي رايةً | فوق الصدور ومعلماً وتميما |
| وتكون فينا والسلام هوية | فخراً بها نطوي الزمانَ صريما |
| عشتُ العقودَ عن المنابع مبعد | والبعدُ يفتلُ في الصدورِ غريما |
| بالليل يكرمني التهجدُ غفوةً | والدمعُ يُسدي للقذى الترميما |
| أحيا التنائي والفراقَ كأنّني | في العيدِ أحيا مرغماً ويتيما |
| ستظل في قلبي أنين مواجع | تعلو، فأعلو قامةً وشميما |
| كالعاشقين إذا ذكرتك مولعاً | والهائمين الى الكواعبِ هيما |
| ما دمت تنزف والفراق يلمني | سأعيش دهري يا عراق فطيما |
| وعبرت أرضك ساعة فحسبتها | الإلهامَ والتاريخَ والتقويما |
| وعبرت أرضك والعناقُ يشدّني | بالرافدين أصالةً وحميما |
