سجا الليلُ إلا بقايا نجومْ
تَهيمُ على وجهها في التُخوم
وبعض رُؤًى خُلَّبٍ شارداتٍ
تُهوِّم ملهوفةً في ذهولْ
يلفِّعُها العتمُ، يُرخي على جانبيها سُدولْ
خلا الدربُ من خَببِ العابرينَ
وفي خدرِ الحلم أغفتْ عيونٌ
طواها على ساعديهِ سُكون
وهام بها عبر همسِ الجُفونِ
تتوقُ لميلاد فجرٍ جديدٍ
يُدغدغُها الشوق، يزرعها أملاً
فتغذُ خطاها لصبحٍ وليدْ
وتحلم أنَّ على زبدِ الموجِ
في صَخَبِ اللُّجِ
لابد من مرفأٍ في البعيدِ
ينام على ضفةٍ في ظلال الغروبِ
يهيم به السندبادُ وحيدًا
يُبعثرُ سَقطَ المتاعِ
ويطوي الشراعْ
ويلقي بأصدافهِ والمحاراتِ للقاعِ
يصرخُ هذا زمانُ الضياعْ
ويرنو لشمسٍ عَراها شحوبْ
بقلبٍ يَلوبْ
يقُصُ حكايا
فينصدعُ القلب منها شظايا
يُحدِّث في لوعةٍ عن ملاح الصبايا
وعينٍ يصيرُ بها الماءُ شهدًا
وأحداقُها الزرقُ تغدو مرايا
وأهدابُها الناعساتُ الطوالُ منايا
إذا أطبقتْ مُقلةٌ جفنَها
عليكَ، غدوت شهيدًا تحدَّثَ عنهُ البَرايا
سلامٌ على العينِ والعينِ
لم أدرِ أيّ العيونِ أردتُ
ولا أيّ نبعٍ شهيًّ وردتُ
سلامٌ لعينينِ نضاختين:
لعينٍ تضلَّعتُ من مائها
وعُجتُ زمانًا على دربها
وعينٍ ظمئتُ إلى وِردها
ظمأً، غُلَّةً، ظلَّ في الصدر منها بقايا،
لظىً، يَتسعَّرُ مُضطرمًا في الحنايا.