حسبتك قد تجاوزت الصعابا
| حسبتك قد تجاوزت الصعابا | وأينعت الروابي والهضابا |
| وطاولت الشموس بكل فجر | وغالبت الدجى بدرا مهابا |
| واوردت الشريعة كل أمر | وأظهرت التقى أمرا مجابا |
| وأعليت الحصون بكل ثغر | واخرست الشرائد والكلابا |
| وعانقت اليتيم كأن دفءا | من النهرين يحتضن السحابا |
| وأثريت الأرامل مكرمات | فما نال القذى منها نصابا |
| وباهلت المكارم في شهيد | من الشريان يمنحك العبابا |
| ولكنّي رأيتك مثل أمّ | يمزق ذرعها ولْدٌ عُجابا |
| وتنهشك الأيادي من دخيل | فيحمد بعضُ أهليك الخرابا |
| ويملأك الردى والغدر سيف | وكان الغدر للأوغاد بابا |
| فهذي القاذفات ومن بناها | يهشمن المصاحف والرقابا |
| وبات الأهل للمسعور جسرا | يدنسهم كمن داس الترابا |
| ويتركهم كركاب ببحر | يناطح موجه السحب أضطرابا |
| وتقتلهم بلا ذنب فئات | لتنهب من مزارعه الخصابا |
| فغدرهمو بجهلهمو زكاة | تنجيهم كمن أمن العذابا |
| ويقطعه العدا والقلب فرد | أقاليما، ليرويها السرابا |
| فتأمل من حياض العز بعدا | وتهجر قامة تعلو الرقابا |
| وتهجر من علا التاريح سفرا | وتهجر خير من يقفو الكتابا |
| وأن دماءه للحق تروي | بأنه خير من يهب الشبابا |
| وتنمو من هضابه رغم قحط | سيوف ما رأت يوما قرابا |
| وتعطيه المواجع خيرهدي | ويسقى من مدامعها عِذابا |
| فأعلته المقابرُ مثل نصب | تٌزاحمُ حوله الموتى شبابا |
| وتبنيه الدماء كقلب شبل | يؤجج نبضه الدنيا حِبابا |
| ولن تحيا القلوب بلا دماء | فتأتيه الدما هديا مطابا |
| وينشد بعد أحقاب خلاصا | ليطرد عن موائده الذبابا |
| فيأتيه الخلاص كعرس عشق | تغضّبه الدما عبقا ملابا |
| ويأتي بالعروش مكبلات | ويأمل قيدها يجلو الضبابا |
| صراعات على الأضواء موت | ويدفع شعبه المضني الحسابا |
| ويغمره الردى والموت بدّن | فيحيا فوقه نصرا غلابا |
| ويشدو من شفاهه رغم نزف | نشيد يبهر الدنيا حقابا |
| بلاد الصابرين ملكت صبرا | كنوق تحتوي أرضا جبابا |
| ويلهو الغادرون كقوم عاد | وأنت تنازع البلوى أحتسابا |
| سيأتيهم وربك شر نحس | و يلعق خيرهم قيحا عقابا |
| برغم الموجعات فأنت عزم | وتحتضن المدارس والقبابا |
| وأنت بسيد الاحرار كون | يعلم خيرة الدنيا الصوابا |
| فأنت منابع والأرض تسعى | لتروي من مجاريها الرضابا |
| وأنت العلم والتاريخ تبقى | أصولا تأمل الدنيا أنتسابا |
| ومنك اليوم من يرجو انفصالا | ويعزو البعد عزا واكتسابا |
| فلا تأمن إذا أغمضت عينا | فأن الليل يحتضن الذئابا |
| ولم ينفعك لوم ان تهادن | نفاقا يظمر الأفعى جوابا |
| فبترالمفسدات وإن تعالت | يجنبك المزلزل والمصابا |
| فلن يجدي مع الجاني عتابٌ | ويخفي في نواياه الخبابا |
| فهذا الحر ان آذاك جهلا | يناشدك الرضا طيبا وطابا |
