
بغـدادُ عذرا
د. حاكم المطيري
بغـدادُ عذراً ومثلي كيف يعـتذرُ | والروم تحشـد من أرضي وتأتمر؟! |
جاءت جيوشهم من كـل ناحـية | يؤزها الحقـدُ والطغـيانُ والبطـرُ |
وقيصر الوم يحدو الروم في جذلٍ | وقومي الصيد لا حسٌ ولا خبـرُ ؟! |
كم أمطــروك بآلافٍ مدمــرةٍ | من القنابل لا تبــقي ولا تــذرُ |
تجري الدماءُ على آثار قصفـهمُ | حتى بكى نهرك الرقراقُ والشجـرُ |
أضحت رياضك يا بغداد مقــبرةً | والأرض والماء والأجـواء تستعرُ |
كم ادعوا نصرةً للشعب واخـتلقوا | إفكاً تناقضـــه الأخبار والصـورُ |
أين الذين ادعوا تحريرك وغـدوا | طلائعـا للعــدا من بعدما فجروا ؟! |
أنت الضحية يا بغداد فاصطبـري | هذا القضاء وما يجـري به القـدرُ |
أمسيت وحــدك يا بغداد موثقة | وخانك العـربُ الأعرابُ والغجـرُ |
النـاكثون عهــود الله بينهـمُ | والغادرون فما أبقوا ولا استتـروا |
لا تسألي النصرَ منهم لم يعد لهمُ | في المعضـلات يــدٌ كلا ولا نظرُ |
ولم تعـد نخوة الأحرار تسعفهم | وليسوا ُ يغنون إن غابوا وإن حضروا |
هذى القيــادات يا بغداد خائنةٌ | من منهل الغدر كم عـلوا وكم سكروا |
الحاكمون وأمريكا حكومـتهم | فكلما أمـرت أمــراً لها ائتمـروا |
وكلما ألزمتهم خطةً قبلــــوا | خسفاً وإن حذرتهم بطشها حــذروا |
وكلما نزلت في العُرْبِ فاجعــةٌ | أقيم مؤتمـرٌ يــتلوه مؤتمــــرُ |
وكلما اجتمــعوا حاكوا مؤامرةً | وكلما أبرمـوا عهدا لهم غـدروا |
وكلما اتفقوا من بعده اختلـفوا | وإن تعاظم أمـرٌ عنده صغــروا |
وكلما قيل قد عادوا لرشدهـمُ | وقيـل قد آمنــوا بربـهم كفروا |
وكلما هدأت أوطانهم عصفـوا | بهـا وإن سلكوا درباً بها عثـروا |
وكلما هددوا بالحرب واحتشدوا | وقيـل قد ظفروا في حربهم خسروا |
فأمرهم عجبٌ وجدهم لعـــبٌ | ووعدهم كذبٌ وعزمهـم خَــوَرُ |
يا سوأة الدهر والتاريخ هل لكم | أن ترحلوا حيــث لا عينٌ ولا أثرُ |
لن تبكي الأرض كلا والشعوب على | فقـدانكم أبدا بل يفرح البشـــرُ |
يا أيها العرب الأحرار هبوا فما | يغني عن الموت لا خوفٌ ولا حذرُ |
دكوا العروش التي أضحت بلا شرفٍ | وأشعلوا النار فيها إنها الخطرُ |
يا أهل بغدادَ عذرا لم يعد عـربٌ | ولم تعـد نخوةٌ فيـــهم ولا ظفرُ |
نطأطأ الرأس يا بغداد من خجـلٍ | إذا تباهوا بهذا العـار وافتخـروا |
فلــلحـرائـر يوم الحرب صارخةً | وللثكــالـى وللأيتــام نعتذرُ |
د. حاكم المطيري