الأربعاء ١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩

بغدادُ تسكنُ جرحي

بقلم: الشاعر محمد نصيف

(عندما أنظرُ إلى بغدادَ وهي تحترقُ بعد خمس ِ سنوات ٍ من الموت ِ والعذاب ِ والتشرد ِ أحسُّ بأنها تسكنُ في جرحي وأن ألمي يستعيرُ من فمِها الصراخ َ)

هـــذي جــراحـي جـمـرة ٌ ورمـــادُ مــوصولـــة ُ الآلام ِ يــا بـغـــــــدادُ

هـــذي جــراحـي كم لجمتُ لهيبَها لـكـنـَّه ُ بـجــــوانـحـــي وقــَّـــــــادُ

تكتظ ُّ غــابــاتُ الحـنـين ِ بصـدرنـا شـوقــًا ويعشبُ في العيون ِ سُهـادُ

الحزنُ قد نسجَ الكرى أسـطـورة ً شـدَّ الحقائبَ للــرحــيل ِ رقـــــــادُ

وتحـجـّرتْ فوق العيون ِ دمــوعُهـا إذ لم يعـدْ يسعُ الـجراحَ ضـِمـادُ

بغـدادُ قـولـي هـل سمعـت ِ توجـعي سـحـقـتْ ضلـوعــي غـربة ٌ وبـعادُ

غـارتْ بخاصرتي خناجـرُ حسرتي أكـَـلـَـتْ فـــؤادي غــصّة ٌ و قــتـادُ

يا زهـرة َ الزمن ِ العريـق ِ وزهــوَه ُ يا منْ تـُزيـِّنُ خـَصرَهــا الأمجــادُ

هل أنت ِ بغــدادُ التي غـنـَّتْ على أعـــتــابــِها الــشــعـراءُ والأشـهـادُ

بين الرصافــة ِ لـو تمرُّ وجسرِهــا تـلكَ الـعـيونُ فـلـن يكـــونَ حـيـادُ

تسبي عقولَ الناظـرينَ بسحـرِهــا قـد لا يـُفـيـدُ الـنـاظـريـنَ رشـــــادُ

بـغـدادُ يـا دارَ الـرشـيـد ِ تـجـمـَّلـي كـم طــابَ فـي أرجــائـك ِ الإنـشـادُ

ذبحـوك ِ يـا بـغـدادُ كـيـفَ تـجـرَّأتْ وتـقـاسـمـتْ أضــلاعـَــك ِ الأوغــــادُ

سرقوا البـريـقَ وأطفؤوك ِ بظلمِهـِم إنّ إنــطــفــاءَك ِ للـــغـــزاة ِ مـُــــرادُ

جعـلوا الـبـيـوتَ مـقـابـرًا فتناثـرتْ حتى إسـتـوتْ بـركــامـِـهــا الأجـسـادُ

هدموا المساجدَ والمصاحفُ أُحرِقتْ وعلى إسـمـِهـا كــم تـُقـتـلُ الــعـُـبـّادُ

رحلتْ مـــآذنُ حـيِّـنـا مـخـنـوقــــة ً ومضى يــؤازرُ حــزنـَهـا الـسـجــّـادُ

مهجورة ٌ سـادَ الـكـنـائـسَ صـمـتـُها كـم كـانَ يـُسـعــدُ جـــــوَّهـا الـمـيلادُ

قـد شـرَّعـوا القتلَ الرخيصَ مغانمًا حتى إرتوتْ بــدمــائـِنــا الأبــــعـــــادُ

حملوا إليك ِ من الـيـهـود ِ ضغـائـنـًا فـغـزا هـــــــــواك ِ نـتـانــة ٌ وفـــســــادُ

حملوا من الفـرس ِ المجـوس ِعقائدًا نــَــــزّتْ على جـَنـَـبـَـاتـِـهـا الأحــقــادُ

عرضوا عمالتـَهـم كأبـخس ِ سـلعـةٍ فـَبـِهـا تـضـيـقُ مـتـاجـــرٌ ومـــــــزادُ

ملأوا الـحـيـاة َ مــرارة ً فـتـوشـَّحتْ بالـقـهـر ِ والصـمـت ِ الـمـخـيـف ِ بـلادُ

في كل مـنـعـطـف ِ تـنـاثـرَ شـرُّهُم وبـكـــل ســــــاح ٍ مـــــأتــمٌ وحـِــــدَادُ

سكنتْ شـوارعـَك ِ الجـمـيـلة َ وحشة ٌ وغشا نــهــارَك ِ ظــلــمــة ٌ وســـوادُ

وضفافُ دجلة َ كـــم بـكـتْ روّادَها إذ ْ راحَ يـهـجــرُ مــوجــَهــا الــــروادُ

لم يـبـقَ مـن بـغــدادَ إلاّ صـــورة ٌ يـنـعـى ســـنـاهـا للــورى الإجــهــــادُ

نضـبتْ قـصـائـدُنـا وجـرحـُك ِ نازف ٌ ما عــادَ يـحـتـمـِلُ الــنــزيــفَ مـــدادُ

كم باتَ طيفُ الموتِ يمضغُ روحَنا مـُذ ْ صـارَ يــكـفـُـلُ أمــرَنــا جـــلادُ

ودمـاؤنـا كـالـنـفـط ِ تـُهــدرُ خـلـسـة ً تــاهَ الــقــيــاسُ وألــغـيَ الـــــعــــدَّادُ

بقلم: الشاعر محمد نصيف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى