

صمود
أيُّها الإنسانُ ما هـذا الصُّمـودْ | كيفَ تحيا فيكَ هاتيـكَ الجُلـودْ |
أسرفَ الجوعُ فمـا مـن نُطفـةٍ | غيرُ أحشاءٍ جَرى فيها الصّديـدْ |
عظمُـكَ المَنْخُـورُ كـم أتعبتَـهُ | فمضى كَرْهًا على مـا لا يُرِيـدْ |
جَفَّتِ الأعضاءُ من لَفْحِ الضَّنـى | وانحدارِ البُؤسِ في عمقِ الوريدْ |
لم تـزلْ تحبـو بجسـمٍ خائـرٍ | تاركًـا نَدْباتِـهِ فـوقَ الصّعيـدْ |
أنتَ والأطـلالُ مـنْ رَسْمَيْكُمـا | تُخْطِئُ العينانِ في هذا الجُمُـودْ |
لم تُخِفْكَ الرّيْحُ فـي إعْصَارِهـا | مثلَ ما ينجو من الإعصارِ عـودْ |
أمِنَـتْ فيـكَ الفَيافـي مَوْطِئًـا | أمْنَ وطءِ الريشِ أو لمْسِ الخدودْ |
صدرُكَ المحصورُ يُخْفـي نَأْمَـةً | مثلَ هَمْسِ الريح في رَوْعِ الوُرُودْ |
قد حَجَزْتَ الرُّوْحَ فـي زِنْزَانَـةٍ | وعلى العينيـن إِمْحَـالُ الجليـدْ |
********
أيُّها الإنسانُ هـل مِـن صيحـةٍ | تفضحُ التضليلَ تجتـاز الحُـدودْ |
ولْيـرددْ كـلُّ جُـرحٍ خلفَـهـا | أينَ شرعُ اللهِ في هـذا الوجـودْ |
أين خيـر الله؟ تُقْـوِي أَرْضُنُـا | فَيَخِبَّ القَحْطُ في حَـبِّ الحَصِيـدْ |
ويرانـا الخيـرُ فـي بلوائِـنـا | فيقولُ الشـرُ: لا تأبـهْ لسُـودْ |
ألِـلَـوْنٍ أُزْهِـقَـتْ أرواحُـنـا | وحَمَلْنـا كـلَّ سَـوْءَاتِ العَبيـدْ |
رُبَّ عبدٍ أبيـضِ القلـبِ علـى | وجهِهِ النورُ ووَثْبـاتِ الأُسـودْ |
ويَسُودُ النـاسَ مـن إظلامِهـمْ | عاجـزٌ غِـرُّ ومُحتـالٌ بلـيـدْ |
أَلِأَنّـا قــد وُلِـدْنـا هاهـنـا | نَزْرَعُ الشّوْكَ ونَقْتـاتُ الصُّـدُودْ |
يشْرَبُ النّـاسُ زُلالًا، والصَّـدى | يُطْفِئُ العَيْـنَ ويَغْتـالُ الخُـدودْ |
أَثْقَلَ الدَّيْنُ الخُطى، نمشي علـى | وَهَنٍ مشيَ الأُسَارَى في القُيُـودْ |
********
أيُّهـا الإنسـانُ بِئْسَـتْ دَعْـوَةٌ | فَرَّقَـتْ بيـنَ أميـرٍ وَمَـسُـودْ |
وانكسارُ النُّـورِ فـي أمْواجِهَـا | أَظْلَمَـتْ مِنْـهُ قُلـوبٌ وعُهُـودْ |
لـكـنِ الآنَ عـلـى آفاقِـنـا | ثورةٌ قد شَنّهـا خَفْـقُ الرُّعُـودْ |
والنّدى بالخَصْبِ يَرْتَـادُ المَـدى | وعلـى كَفَّيْـهِ يَخْتَـالُ النّشِيْـدْ |
إنّني يا صاحبَ الجسـمِ الـذي | لَفِظَتْـهُ دَعْـوَةُ الحِقْـدِ العَنِيْـدْ |
سوف تسري فيك يومًا دعوتـي | وتعودُ الروحُ تجري مـن جديـدْ |
فأرِحْ صَـدْرًا مَهِيضًـا عَظْمُـهُ | فابتهاجُ الأرضِ بي سوفَ يعـودْ |
أَحْضُنُ الآمـالَ فـي إشراقِهـا | فكـأنَّ الأفـقَ جنَّـاتُ الخلـودْ |
وأُروِّي المُشْتَهـى مـن بَسْمَـةٍ | حَشَدَتْ للفجرِ أغصـانَ الـورودْ |
فتهيَّـاْ لــي فـإنّـي قــادِمٌ | بربيعي واسْأَلِ الطّلْـعَ النّضيـدْ |
رد الشاعر جميل داري
إنه الإنسان في أعلى اللحود | عائش ..لكنـه دون وجـود |
يتلـوى ألمـا فـي عمقـه | يتشهى كسـواه يـوم عيـد |
انه الإنسـان خصـم تافـه | لأخيه.. سالب منه السعـود |
يسرق اللقمة مـن أفواههـم | فهو في عيش هنيء سعيـد |
إنه الإنسـان فـي خستـه | يقتل الحب ويغتـال الـورود |
يـدع الآخـر يحيـا جائعـا | فيثور الحق والعقل الرشيـد |
آه..ما أتفـه فـردا متخمـا | يتسلـى بمجاعـات العبيـد |
احمد الفـراج فـرج كربـة | تك يوم الدين من خير الجنود |
ردي على الشاعر جميل داري
مَنْ على الدنيا كريمٌ وسعيدْ | غيرُ من كانَ بنُعماها زهيدْ |
وأقامَ في ذُراها راكبًا | كلُّ ظهرٍ في مُحَيّّاها وطيدْ |
إنّنا في هذه الدُّنْيا كَسَيْلٍ | منه فتّاكٌ ومنه ما يفيد |
يُصْبِحُ الإنسانُ ذكرى ما له | غيرُ ما ينجو به يومَ الوعيدْ |
ردي على الشاعر عبد القادر الحسيني (طائر الفجر)
طائرَ الفجرِ السعيدْ | ونقاء في الوريدْ |
أنت في الآفاق تزه | في مسافاتي مديدْ |
كم جليس في الثريا | يقطف العزَّ الرغيدْ |
وقعيدِ يرتضي الذلّ | فيا بئس القعيدْ |